الهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع، اليوم الاحد، في مدينة الفاشر ومخيمات النزوح المحيطة بها تعكس تصاعداً خطيراً في الصراع المسلح المستمر منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني والقوات المتمردة. المدينة، التي تحتفظ الجيش بالسيطرة الجزئية عليها، أصبحت مسرحاً لعمليات مكثفة من قبل المتمردين، بهدف توسيع النفوذ العسكري والسيطرة على الموارد الحيوية، بينما أدت العمليات العسكرية المستمرة إلى فرض حصار طويل على السكان المدنيين، ما زاد من هشاشة الأمن الغذائي والصحي في الإقليم بشكل ملحوظ.
الأسباب الجوهرية لتصعيد الدعم السريع تشمل السعي للسيطرة على المواقع الاستراتيجية والموارد المحلية في غرب دارفور، بالإضافة إلى تقويض البنى المجتمعية في المخيمات وجعل المدنيين أكثر ضعفاً أمام النزاع.
الهجمات على المستشفيات ومراكز الإغاثة في الفاشر تهدف إلى تقليل قدرة السكان على الحصول على المساعدات الطبية والغذائية، وزيادة الضغط النفسي والاجتماعي على النازحين، وهو ما يعكس استراتيجية عسكرية ممنهجة تستهدف استنزاف المدنيين وتحويلهم إلى أدوات ضغط ضمن الصراع السياسي والعسكري.
تأثير هذه الهجمات على الحياة اليومية للسكان المدنيين كارثي أكثر من 3 ملايين طفل يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم مئات الآلاف مهددون بالموت الوشيك إذا لم تصل إليهم مساعدات عاجلة، في حين أدى تدمير المنشآت الصحية وانتشار الأمراض مثل الكوليرا إلى زيادة الوفيات بين الأطفال والنساء الحوامل، المرافق الصحية المتبقية في الفاشر تكافح لتقديم العلاج، وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، ما يعكس هشاشة النظام الصحي في ظل الصراع.
مخيمات النزوح، مثل معسكر أبو شوك، تعاني من هجمات متكررة، حيث تم خطف مدنيين عزل وإلحاق أضرار بالبنية التحتية. هذه العمليات تزيد من الخوف واليأس بين النازحين، وتجعل جهود الإغاثة صعبة التنفيذ، بينما يواجه السكان خطر الموت بسبب الجوع أو الأمراض أو تلوث المياه.
انتشار المخلفات والنفايات في المدن وتدمير الأراضي الزراعية يزيد من تعقيد الأزمة، ما يحول البيئة نفسها إلى تهديد دائم على الصحة العامة ويزيد من صعوبة إعادة الاستقرار بعد انتهاء الحرب.
التداعيات السياسية والاجتماعية لهذه الأزمة متعددة استمرار الهجمات يعقد جهود الوساطة المحلية والدولية ويضع المنظمات الإنسانية أمام تحديات أكبر لتوفير المساعدات اللازمة، كما أن الانقسام بين الجيش وقوات الدعم السريع يعكس هشاشة الدولة وقدرتها على حماية المواطنين، ما ينعكس سلباً على ثقة السكان في المؤسسات ويزيد من احتمال نشوء صراعات إضافية مستقبلاً.
استخدام الدعم السريع للهجمات ضد المدنيين والبنية الأساسية يعكس هدفاً مزدوجاً: الضغط على الحكومة وتحقيق مكاسب سياسية، وفي الوقت نفسه إضعاف قدرة المعارضة أو المجتمعات المحلية على التنظيم، وهو ما يزيد من صعوبة حل النزاع سلمياً ويطيل أمد الكارثة الإنسانية.
تصعيد الدعم السريع في الفاشر ومخيمات النزوح يمثل ذروة تراكمات الصراع المسلح، حيث تتداخل الأهداف العسكرية مع التدمير المنهجي للموارد الحيوية، مما يحول النزاع إلى كارثة إنسانية متكاملة، استمرار الهجمات يهدد حياة المدنيين بشكل مباشر، ويجعل جهود الإغاثة والتعافي بعد انتهاء الحرب أكثر تعقيداً، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة للتدخل وحماية المدنيين وتأمين الخدمات الأساسية، لضمان الحد الأدنى من حياة كريمة في منطقة تحاصرها أزمات مستمرة ومتفاقمة.