الإخوان في سوريا بين البقاء والحل المحتمل

سامر الخطيب

2025.08.24 - 11:26
Facebook Share
طباعة

 في ظل التحولات السياسية الأخيرة في سوريا، تصاعدت الدعوات خلال الأسابيع الماضية إلى حل جماعة الإخوان المسلمين، وسط غياب موقف رسمي واضح من الحكومة تجاه الجماعة، التي أعلنت دعمها للقيادة الانتقالية الجديدة برئاسة أحمد الشرع. تأتي هذه الدعوات على وقع تحضير البلاد لأول انتخابات لمجلس الشعب بعد سقوط نظام الأسد، مع توقعات بأن يناقش المجلس الجديد ملفات تنظيمية وقانونية، أبرزها قانون تنظيم الأحزاب السياسية.


موقف الجماعة من القيادة الجديدة
عقد مجلس شورى الإخوان المسلمين اجتماعًا في السابع من آب الجاري، أكّد فيه على التمسك بوحدة سوريا أرضًا وشعبًا، وتوضيح موقفه من القيادة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، واصفًا إياها بـ"القيادة الداعمة الناصحة، الحريصة على إنجاح عملية بناء الدولة المدنية الحديثة بمرجعية إسلامية".


وشدّدت الجماعة على أهمية العدالة الانتقالية كشرط أساسي للسلم الأهلي والاستقرار المستدام، معتبرة أنّ إشراك جميع المكونات السورية في بناء الدولة وفق برنامج سياسي تعددي وانتخابات نيابية حرّة يمثل عاملًا مهمًا لتثبيت الاستقرار. اللافت أنّ بيان مجلس الشورى قد شكر عدة دول على دعمها لسوريا، رغم المواقف الرسمية السلبية تجاه الجماعة في بعض هذه الدول.


خيار الحل غير مطروح
مصدر قريب من الجماعة أكد أن خيار حل الإخوان المسلمين ليس مطروحًا حاليًا، وأن الجماعة تظل جماعة وطنية مستقلة تسير في نهجها الإسلامي الوسطي، مع هدف الحفاظ على كرامة المواطن السوري ومستقبله. لكن البيان كشف عن خلافات داخل مجلس الشورى حول العودة الرسمية للجماعة إلى سوريا، حيث ما تزال المكاتب الرسمية خارج البلاد.


وأشار المصدر إلى أن سبعة من قيادات الجماعة قدموا استقالاتهم، أبرزهم ملهم الدروبي، بينما تلقت الجماعة رسائل غير مباشرة من القيادة السورية الجديدة مفادها أن فتح مكاتب رسمية للجماعة ليس خيارًا متاحًا حاليًا، مع السماح بعودة القيادات والأعضاء بشكل فردي.


المشهد السياسي غامض
الكاتب الصحفي درويش خليفة وصف الوضع الحالي للإخوان بأنه غامض، إذ أن الجماعة بدأت إعادة تقييم موقعها السياسي والاجتماعي بعد أكثر من أربعة عقود على خروج معظم قياداتها إثر أحداث حماة وحلب وجسر الشغور. وأضاف أن سقوط نظام البعث وصعود قوة عسكرية ذات مرجعية دينية جديدة خلق حالة من الغموض والارتباك لجميع القوى، بما فيها الإخوان المسلمين.


وأشار خليفة إلى أن الإخوان، رغم قربهم الأيديولوجي من بعض الفصائل، لم يتمكنوا من إعادة بناء حضورهم السياسي والاجتماعي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعوبة التكيف مع المتغيرات السورية الحديثة، بالإضافة إلى الانقسامات الداخلية العميقة بين الكتلتين الحموية والحلبية، ما أدى إلى استقدام مراقبين من خارج هذه الكتل لإدارة شؤون الجماعة على مدار العقد والنصف الماضيين.


المقارنة مع الائتلاف والمعوقات
بالنسبة للائتلاف السوري المعارض، أوضح خليفة أنه لا يمكن مقارنة الجماعة به، أو حتى بالفصائل المسلحة التي ظهرت لإسقاط النظام السابق، حيث إن الإخوان ظلوا متمسكين برؤية إسلامية محددة لم تستوعب بالكامل منطق العمل السياسي السوري.


ولفت خليفة إلى أن قرار حل الجماعة، إذا تم اتخاذه مستقبلًا، لن يكون خطوة استسلامية، بل تكتيكية لتمكين الجماعة من إعادة التموضع والحصول على مكاسب سياسية ضمن العملية السياسية تحت قيادة أحمد الشرع، مع ضرورة مراعاة ضمانات مقابل هذا القرار في ظل هشاشة الاستقرار السياسي والإداري.


تاريخ الجماعة في سوريا
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عام 1945، ولعبت دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية والاجتماعية، وشاركت في الحياة البرلمانية منذ 1947، وأسهمت في صياغة دستور 1950. وفي عام 1958 حلت الجماعة نفسها طوعًا دعمًا للوحدة السورية-المصرية، ورفضت توقيع وثيقة الانفصال لاحقًا.


وخلال السبعينيات والثمانينيات، واجهت الجماعة قمعًا شديدًا من نظام حافظ الأسد، خصوصًا بعد أحداث حماة وحلب وجسر الشغور، مما أدى إلى تجريمها بموجب القانون 49/1980، وإعدام كل من يثبت انتسابه إليها، ودفع بقياداتها إلى الخروج للمنفى.


على الرغم من دعمها للثورة السورية منذ بدايتها، لم تتمكن الجماعة من المشاركة بشكل فعّال في العمليات السياسية أو العسكرية، وهو ما يوضح حجم التحديات التي تواجهها في إعادة التموقع ضمن المشهد السوري المعقد والمتغير.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 3