الحرس الوطني في السويداء: فصائل موحدة أم فوضى جديدة؟

رزان الحاج

2025.08.24 - 11:13
Facebook Share
طباعة

 أعلن أمس السبت عن تشكيل ما يُعرف باسم "الحرس الوطني" في السويداء بقيادة الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، ويضم نحو 30 فصيلًا محليًا، أبرزها "قوات سيف الحق"، "قوات الفهد"، و"قوات العليا"، إلى جانب مجموعات أصغر. ويهدف هذا التحالف، بحسب البيان الرسمي، إلى توحيد الفصائل المسلحة المحلية وتعزيز الدفاع عن المحافظة وحماية الجبل.


ومع ذلك، أثار هذا الإعلان جدلاً واسعًا داخل المحافظة، واعتبره بعض المراقبين خطوة خطيرة قد تزيد الانقسامات بدلاً من توحيد الصفوف. الشيخ ليث البلعوس، ممثل "مضافة الكرامة"، وصف التشكيل بأنه "خطوة تفتقد صوت العقل"، مشيرًا إلى أن أبناء السويداء كانوا يتوقعون من حكمت الهجري موقفًا جامعًا يقود المحافظة نحو الأمان، لا تعزيز العسكرة.


وأكد البلعوس أن الفصائل المشاركة في الحرس الوطني تشمل مجموعات سبق أن ارتبطت بممارسات غير قانونية، مثل الخطف والسرقة والنهب وابتزاز النساء، على غرار "قوات سيف الحق" و"قوات الفهد"، واللتان كانتا مرتبطتين بقيادات أمنية سابقة ونشرت نشاطات مشبوهة في المنطقة. وأوضح أن بعض هذه الفصائل كانت تحت تأثير شخصيات بارزة في النظام السابق، مثل علي مملوك وكفاح الملحم، إضافة إلى قيادي محلي متهم بتجارة المخدرات، راجي فلحوط.


ويرى البلعوس أن تسمية التشكيل بـ"الحرس الوطني" هي محاولة مستنسخة من "الحرس الثوري الإيراني"، وتعكس غياب المواقف الوطنية العقلانية التي تحتاجها السويداء في هذه المرحلة الحساسة. وأضاف أن ما حدث يعكس توجهًا نحو عسكرة إضافية في الوقت الذي تعاني فيه المحافظة من أزمة إنسانية شاملة تشمل نقص المواد الغذائية، شح المياه، انقطاع الكهرباء، وتعطل الاتصالات.


الفصائل الرئيسية المشاركة في الحرس الوطني تشمل:
قوات سيف الحق: فصيل مسلح محلي كان مرتبطًا بقيادات أمنية سابقة، وله تاريخ في العمليات المسلحة بالمنطقة.
قوات الفهد: فصيل بارز يضم مقاتلين محليين، ويشارك في عمليات الدفاع الجماعي.
قوات العليا: تركز على حماية المجتمعات المحلية وتنسيق الجهود الدفاعية مع باقي الفصائل.


ويضم الحرس أيضًا عشرات المجموعات الصغيرة المنتشرة في مختلف مناطق السويداء، لتوحيد عملها تحت قيادة مركزية، ويهدف هذا التنظيم إلى تنظيم العمليات العسكرية وتوحيد الموارد والخبرات بين الفصائل.


ويأتي تشكيل الحرس الوطني في ظل واقع أمني متوتر شهدته السويداء مؤخرًا، بعد مظاهرات طالبت بالحماية الذاتية ورفضت التفاوض مع دمشق، وانسحاب القوات الحكومية إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مواقع في الجنوب ومقرات وسط دمشق. وقد أدى هذا الفراغ الأمني إلى اندماج الفصائل المحلية تحت قيادة مركزية لضمان الدفاع عن السكان والمناطق المحمية.


ويشير المراقبون إلى أن الحرس الوطني قد يكون أداة مزدوجة: إطار دفاعي لتنظيم الفصائل، وأيضًا رسالة سياسية تعكس قدرة الزعيم الروحي على التأثير محليًا. وفي المقابل، يُنظر إلى التسمية وأبعادها العسكرية على أنها قد تحمل خطورة على الانقسامات الداخلية، خصوصًا إذا اعتُبرت مستنسخة من نماذج خارجية مثل الحرس الثوري الإيراني.


ويختتم البلعوس تحليله بالقول إن أبناء السويداء الذين تحملوا التهجير والحرمان من الموارد الأساسية لا يحتاجون اليوم إلى مزيد من العسكرة والفوضى، وأن ما جرى يزيد من الانقسام بدلاً من توحيد الصفوف، معتبرًا موقف حركة "رجال الكرامة" الرافض للانضمام إلى الحرس الوطني مؤشرًا على عقلانية أكثر في إدارة المرحلة المقبلة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2