في تصعيد غير مسبوق، تحوّل الصراع الأوكراني-الروسي إلى ساحة أكثر خطورة بعدما استهدفت طائرة مسيرة أوكرانية محطة كورسك النووية داخل الأراضي الروسية، ما أثار مخاوف من أن تقترب الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات من حافة كارثة نووية.
حريق في منشأة حساسة
صباح الأحد، أعلن المكتب الصحفي لمحطة كورسك للطاقة النووية أن هجوماً أوكرانياً بطائرة مسيرة أدى إلى اندلاع حريق قصير في المحطة، وتضرر محول كهربائي مساعد، مما أجبر إدارة المحطة على خفض القدرة التشغيلية للوحدة الثالثة إلى النصف.
وأكد البيان أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت المسيرة قبل أن تنفجر قرب المنشأة، مسببة أضراراً محدودة. ورغم الحادث، شددت السلطات على أن مستويات الإشعاع في المنطقة لم تتجاوز الحدود الطبيعية. ولم تُسجَّل إصابات بشرية، لكن الحادث يُظهر مدى هشاشة المنشآت الاستراتيجية أمام هجمات الطائرات من دون طيار.
جبهة نيران متعددة
لم يتوقف الأمر عند كورسك؛ فقد أفاد حاكم مقاطعة لينينغراد بإسقاط 10 مسيرات أوكرانية فوق ميناء أوست لوغا واندلاع حريق فيه، فيما أكدت مقاطعة سمولينسك إسقاط 9 مسيرات أخرى خلال الليل.
كييف من جانبها تبرر هذه الضربات بأنها رد على الهجمات الروسية المتواصلة ضد المدن الأوكرانية، وأنها تستهدف "بنية تحتية حيوية للآلة العسكرية الروسية". لكن استهداف محطة نووية يرفع مستوى التصعيد إلى حدود غير مسبوقة ويضع العالم أمام شبح أزمة جديدة.
قيود أميركية على كييف
في موازاة ذلك، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تفرض قيوداً على أوكرانيا، إذ تمنعها منذ أشهر من استخدام صواريخ "أتاكمز" بعيدة المدى لضرب العمق الروسي. القرار يعكس تردداً أميركياً واضحاً في السماح لكييف بتوسيع نطاق هجماتها خشية دفع موسكو إلى رد أكثر خطورة.
غير أن واشنطن وافقت هذا الأسبوع على بيع أوكرانيا أكثر من 3 آلاف صاروخ من طراز "إرام" الهجومي بعيد المدى، على أن تصل خلال أسابيع، ما قد يعيد رسم معادلات الحرب.
ترامب بين الاستياء والتلويح بالعقوبات
في واشنطن، عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تزايد استيائه من استمرار الحرب وعدم قدرته على دفع الأطراف إلى اتفاق سلام. وألمح الجمعة إلى احتمال فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا أو حتى الانسحاب من "عملية السلام" التي يقودها، بعد قمة جمعته بالرئيس فلاديمير بوتين واجتماع لاحق مع زعماء أوروبيين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
لكن هذه اللقاءات، وفق المراقبين، لم تُسفر عن أي تقدم ملموس، لتبقى الأزمة في حالة جمود سياسي مقابل تصعيد عسكري متسارع.
حرب عند تخوم المجهول
الهجوم على محطة نووية لا يعني فقط تصعيداً عسكرياً، بل يفتح الباب أمام سيناريوهات قاتمة: ماذا لو تضررت أنظمة التبريد أو سلامة المفاعل؟ حتى مع تأكيد موسكو أن الإشعاعات لم تتأثر، يبقى الخوف قائماً من تكرار أو توسع هذه الهجمات.
في المقابل، تبدو كييف مصممة على نقل المعركة إلى الداخل الروسي، معتبرة أن الضغط المباشر على البنية التحتية هو السبيل الوحيد لإضعاف موسكو. أما الكرملين فيرى في ذلك تهديداً وجودياً قد يبرر ردوداً أشد.
وبينما تتشابك الخيوط بين قيود أميركية، وضربات أوكرانية، وتهديدات روسية، يظل السؤال الكبير بلا إجابة: هل يقترب الصراع من لحظة حرجة تُشعل مواجهة تتجاوز حدود الحرب التقليدية؟