اندماج فصائل مسلحة بالسويداء ضمن تشكيل جديد

وكالة أنباء آسيا

2025.08.23 - 08:17
Facebook Share
طباعة

 أعلنت مجموعة من الفصائل المسلحة في محافظة السويداء عن اندماجها تحت مسمى "الحرس الوطني في السويداء"، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإعادة تنظيم القوى المحلية وإضفاء طابع أكثر مؤسسية على وجودها. الإعلان جاء عبر بيان نُشر على صفحات التواصل الاجتماعي التابعة للتشكيل الجديد، وتحدث عن انضمام نحو 30 فصيلاً مسلحاً.

 

خلفية الإعلان

البيان أكد أن الهدف من الاندماج هو الإشراف على الأوضاع الأمنية داخل المحافظة، وربط جميع الفصائل بمرجعية دينية واحدة، عبر الإعلان عن التزامها بقرارات حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، واعتباره المرجعية الأساسية في إدارة شؤون المجتمع المحلي. هذه الخطوة، التي جاءت بعد أشهر من التوترات الأمنية في المنطقة، تعكس مساعي الفصائل لإيجاد إطار موحد لها بعد سنوات من التشرذم.

 

المهام المعلنة

بحسب ما يتم تداوله محلياً، فإن التشكيل الجديد سيعمل على حماية الحدود الشرقية للمحافظة والمناطق المتاخمة للبادية، في محاولة لمنع عمليات التسلل أو تهريب السلاح والمخدرات. كما يسعى إلى فرض شكل من أشكال الإدارة الأمنية المحلية، تمهيداً لإدماج هذه البُنى في أي ترتيبات مستقبلية قد تتعلق بإدارة الدولة أو شكلها السياسي القادم.

غير أن هذه المهام المعلنة تثير تساؤلات جدية حول حجم الدعم الخارجي، وطبيعة العلاقات التي قد تربط هذا التشكيل بأطراف إقليمية أو دولية، خصوصاً أن المحافظة تشهد منذ فترة تصاعداً في الخطاب حول ضرورة "حماية المجتمع المحلي" بعيداً عن مؤسسات الدولة المركزية.

 

جذور التشكيل

تجدر الإشارة إلى أن اسم "الحرس الوطني" ليس جديداً في السويداء. فقد طُرح لأول مرة خلال التوترات الأمنية التي شهدتها مناطق جرمانا وصحنايا في أيار الماضي. حينها، تحدثت شخصيات سياسية محلية عن تشكيل يقوده أبناء الطائفة الدرزية، وسط جدل واسع حول تبعيته الفعلية وأهدافه البعيدة المدى. كما ظهرت وثائق نُسبت إلى وزارة الدفاع السورية حول انتساب عناصر إليه، إلا أن الوزارة نفت رسمياً أي صلة لها بالأمر، ما زاد الغموض حول طبيعته.

 

تباين المواقف المحلية

في المقابل، عبّرت أطراف أخرى داخل السويداء عن مخاوفها من توسع دور الفصائل المسلحة، معتبرة أن ما يجري يعكس مزيداً من الابتعاد عن مؤسسات الدولة، ويمنح شرعية لتشكيلات ذات ارتباطات خارجية. الشيخ ليث بلعوس، ممثل "مضافة الكرامة"، اعتبر في تصريح تلفزيوني أن القرارات الأمنية في المحافظة باتت خاضعة لفصائل تحمل أجندات إقليمية، من بينها "الحرس الوطني"، الذي قال إنه يعمل تحت إشراف مباشر من سلمان الهجري، نجل حكمت الهجري.

 

قراءة في المشهد

يرى مراقبون أن ما يحدث في السويداء ليس معزولاً عن المشهد السوري العام. فمع استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والعسكري في البلاد، برزت مبادرات محلية في بعض المناطق تسعى لإدارة الشؤون الأمنية والخدمية بعيداً عن سلطة الدولة المركزية. غير أن هذه المبادرات، رغم تقديمها نفسها كخيار لحماية المجتمعات المحلية، غالباً ما تتداخل مع حسابات خارجية، ما يثير مخاوف من استخدامها كورقة في صراعات النفوذ الإقليمي والدولي.

 

إضافة إلى ذلك، فإن توحيد الفصائل تحت مسمى جديد قد يحمل في طياته تناقضات داخلية، فالتجارب السابقة تشير إلى صعوبة الحفاظ على تماسك هياكل مشابهة، نظراً لاختلاف الولاءات والارتباطات بين الفصائل المنضوية تحتها.

 

خاتمة

إعلان اندماج الفصائل المسلحة في السويداء ضمن ما يُسمى بـ"الحرس الوطني" يعكس واقعاً مركباً تعيشه المحافظة، بين سعي بعض القوى إلى فرض إدارة محلية، ومخاوف أخرى من أن يتحول هذا المسار إلى خطوة نحو مزيد من الانقسام والتباعد عن مؤسسات الدولة. وفي ظل غياب وضوح حول مرجعية هذا التشكيل وعلاقاته الإقليمية، يبقى المشهد مفتوحاً على احتمالات عدة، أبرزها استمرار حالة التوتر وعدم اليقين التي تطبع الجنوب السوري منذ سنوات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4