في واحدة من أكثر القضايا غرابةً وانتشارًا على منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت حياة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت هدفًا لشائعات غريبة وغير منطقية، إذ زعمت بعض الحملات أن بريجيت "ولدت ذكراً". هذه المزاعم، التي بدأت في فرنسا قبل أن تتوسع إلى الولايات المتحدة، دفعت الرئيس وزوجته للرد قانونيًا للحفاظ على الحقيقة ونزاهة سمعتها كسيدة أولى وزوجة وأم وجدة.
انتشرت المزاعم بشكل كبير عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث قامت الإعلامية اليمينية كانديس أوينز بنشر فيديو على يوتيوب بعنوان مثير للجدل: "هل سيدة فرنسا الأولى رجل؟"، وأنتجت سلسلة فيديوهات تحت عنوان "أن تصبح بريجيت" استهدفت جمهورها الذي يتجاوز 4.5 مليون مشترك، مع بيع سلع ترويجية مرتبطة بهذه المزاعم.
رد ماكرون على هذه الحملات في مقابلة مع مجلة باريس ماتش قائلاً:
"بدأت هذه الادعاءات في فرنسا أولاً، لكنها انتشرت بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة. كان علينا الرد للحفاظ على الحقيقة ونزاهة سمعة زوجتي كسيدة أولى وزوجة وأم وجدة."
وأضاف: "التعامل مع المعلومات الكاذبة والقصص الملفقة هو أحد أصعب جوانب الرئاسة. الشائعات تعكر صفو الحياة الخاصة حتى في أكثر لحظاتها حميمية."
ورغم التحذيرات المتكررة من محامي العائلة، رفضت أوينز التوقف عن نشر هذه الادعاءات، ما دفع العائلة إلى رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العليا في ولاية ديلاوير، مطالبة بتعويضات عن الأضرار الاقتصادية والمعنوية، بما في ذلك فقدان فرص العمل المستقبلية.
محامي العائلة، توم كلير، أكد أن الأدلة تثبت بوضوح أن بريجيت ماكرون وُلدت امرأة، ونفى أي علاقة لها بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أو أي مزاعم أخرى خارج نطاق الحقيقة.
بريجيت ماكرون لم تكن جديدة على التعامل مع الشائعات. ففي عام 2022، رفعت دعوى في فرنسا ضد امرأتين نشرن مزاعم مماثلة عن هويتها، وحكمت المحكمة لصالحها، إلا أن الاستئناف ما زال مستمرًا حتى اليوم. هذا يوضح أن الشخصيات العامة، حتى على أعلى المستويات، غالبًا ما تكون عرضة للشائعات التي قد تتكرر بشكل دوري، وتستند أحيانًا إلى أي معلومات سطحية أو صور قديمة لتضخيمها.
في عصر الرقمي، أصبح انتشار الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي تهديدًا مباشرًا للشخصيات العامة، حيث يصعب السيطرة على ما يُنشر عنها. الشائعات حول بريجيت ماكرون، التي انتشرت من فرنسا إلى الولايات المتحدة، تكشف كيف يمكن لقصة شخصية أن تتحول إلى مادة إعلامية عالمية، مؤثرة على السمعة والسياسة، ومؤكدة على ميل بعض الجمهور لتصديق أي محتوى مثير، حتى لو بدا سخيفًا، كما يظهر بوضوح من التفاعل الكبير مع فيديوهات أوينز التي حولت حياة السيدة الأولى إلى مادة للترفيه السياسي رغم خطورتها القانونية والمعنوية.
الحالات الأكثر غرابة تشمل شائعات حول الشخصيات العامة والسياسيين، والتي غالبًا ما تكون مرتبطة بتصورات مسبقة عن الجنس أو السلطة أو الشهرة، وهو ما يفسر سبب استهداف بريجيت ماكرون تحديدًا، كونها سيدة أولى فرنسية غير مألوف شكل حياتها أمام الجمهور مقارنة برؤساء سابقين.
ماكرون عبّر عن هذا الواقع بوضوح، قائلاً:
"الشائعات تعكر صفو الحياة الخاصة حتى في أكثر لحظاتها حميمية." وهو ما يوضح أن إدارة الدولة اليوم لم تعد تقتصر على القرارات السياسية، بل تشمل إدارة السمعة الشخصية وحماية الأسرة من حملات التشهير الرقمية.
بريجيت ماكرون، ولدت عام 1953 في مدينة أمينس شمال فرنسا في أسرة متوسطة الحال، وهي الابنة الكبرى لعائلة مهتمة بالتعليم والفنون. منذ صغرها أظهرت ميلًا قويًا للأدب والمسرح، ما دفعها لاحقًا للعمل كمعلمة للغة الفرنسية والمسرح في مدرسة محلية. كان شغفها بالتعليم وحبها للفنون جزءًا أساسيًا من شخصيتها، ومنحه أساسًا قويًا في تواصلها مع الآخرين.
قبل زواجها من إيمانويل ماكرون، كانت بريجيت متزوجة من المصرفي أندريه-لويس أوزيير عام 1974، وأنجبا معًا ثلاثة أبناء: سيباستيان (مواليد 1975)، لورانس (مواليد 1977)، وتيفاني (مواليد 1984). بعد طلاقها في عام 2006، تزوجت من إيمانويل ماكرون في أكتوبر 2007. أبناء بريجيت أصبحوا بالغين الآن، حيث اختار كل منهم مسارًا مهنيًا مختلفًا؛ سيباستيان طبيب قلب، لورانس محامية، وتيفاني مهندسة إحصاء، كما تمتلك سبعة أحفاد.
تطورت علاقة بريجيت مع إيمانويل ماكرون منذ عام 1993 عندما كان طالبًا في الخامسة عشرة من عمره، وكانت هي معلمته في ورشة مسرحية. ورغم فارق السن الكبير الذي يبلغ 24 عامًا، تطورت العلاقة بينهما تدريجيًا، وتزوجا بعد سنوات من الانتظار، لتصبح بريجيت شريكة سياسية واجتماعية مهمة، وداعمًا أساسيًا لمسيرة زوجها السياسية، كما أصبحت شخصية عامة بارزة في المشهد الاجتماعي والثقافي الفرنسي.
بدأت الشائعات حول هوية بريجيت بعد صعود إيمانويل ماكرون إلى الرئاسة عام 2017، مستندة جزئيًا إلى فارق السن الكبير وشخصيتها البارزة في الإعلام. مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي، تجاوزت هذه المزاعم الحدود الفرنسية ووصلت إلى الولايات المتحدة، حيث أعادت الإعلامية اليمينية كانديس أوينز نشرها عبر فيديوهات على يوتيوب ومنصات أخرى، ما جعلها قضية دولية أثرت على السمعة الشخصية والسياسية لبريجيت وماكرون.