تقدّم في المحادثات السورية – الإسرائيلية: قراءة في الأبعاد والدلالات

2025.08.23 - 10:10
Facebook Share
طباعة

 أفادت تقارير إعلامية بأن العاصمة الفرنسية باريس شهدت لقاءً جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بمشاركة المبعوث الأميركي الخاص. اللقاء وُصف بأنّه أحرز تقدّماً في بعض الملفات الحساسة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول مستقبل الترتيبات في الجنوب السوري ومصير بعض المواقع الاستراتيجية.
الاحتفاظ بمواقع استراتيجية
المصادر ذاتها أشارت إلى أنّ إسرائيل تسعى إلى الاحتفاظ بعدد من المواقع التي سيطرت عليها بعد سقوط النظام السابق، وعلى رأسها تل الحارّة ومركز الرادار في جبل الشيخ. هذان الموقعان يعتبران من أهم النقاط العسكرية والاستخبارية في الجنوب السوري، والسيطرة عليهما تمنح تل أبيب قدرة مراقبة واسعة على محيط دمشق والجولان. هذا الطرح يعكس توجهاً إسرائيلياً لترسيخ مكاسب ميدانية ضمن أي تسوية سياسية أو أمنية مقبلة.
مسار إنساني إلى السويداء
في المقابل، برزت معطيات عن نية لفتح طريق دمشق – السويداء خلال الأيام المقبلة، بالتزامن مع زيادة عدد قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى المحافظة. هذه الخطوة، إذا نُفذت، قد تخفف من حدة الأزمة المعيشية التي يعيشها أهالي المنطقة منذ أشهر طويلة، كما تحمل بعداً سياسياً إذ تُظهر استعداداً مبدئياً من الحكومة السورية للتجاوب مع الضغوط الدولية.
الحزام الأمني في السويداء

من جهة أخرى، ترددت أنباء عن احتمال تخفيف الحزام الأمني الذي تفرضه قوى الأمن الداخلي حول محافظة السويداء. غير أنّ مصادر محلية نفت وجود أي تغييرات جوهرية حتى اللحظة، مؤكدة أنّ الوضع الأمني ما يزال على حاله. هذه النقطة بالذات تعكس حساسية الملف الدرزي في الجنوب السوري، ومحاولة كل طرف توظيفها في سياق المفاوضات الجارية.
أبعاد ودلالات

إقليمياً: استمرار اللقاءات في باريس يوضح رغبة أطراف إقليمية ودولية في بلورة تفاهمات جديدة في الجنوب السوري، بحيث تضمن إسرائيل أمنها وتستعيد دمشق بعض السيطرة الرمزية.
إنسانياً: إدخال المساعدات إلى السويداء يُراد له أن يكون مكسباً ملموساً للأهالي، يخفف الاحتقان ويُظهر نتائج سريعة لأي اتفاقات ميدانية.
عسكرياً: الحديث عن الاحتفاظ بمواقع استراتيجية يؤشر إلى أنّ التسوية لن تكون شاملة، بل ستقوم على مبدأ "تقاسم النفوذ" أكثر من إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

المشهد الحالي يوحي بأن الملف السوري دخل مرحلة دقيقة من التفاهمات الجزئية، حيث يجري الجمع بين خطوات إنسانية ميدانية وتفاهمات أمنية صامتة. ومع أنّ بعض التفاصيل ما تزال موضع تضارب بين النفي والتأكيد، فإن الثابت أنّ الجنوب السوري يتحول اليوم إلى ساحة اختبار رئيسية لمعادلة ما بعد الحرب، بين رغبة إسرائيل في الاحتفاظ بمكاسبها، وسعي دمشق إلى إعادة تثبيت وجودها، فيما الولايات المتحدة تواصل لعب دور الضامن والمسهل لأي تفاهمات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6