غزة على شفير الموت.. الأمم المتحدة تعلن أول مجاعة في الشرق الأوسط

وكالة أنباء آسيا

2025.08.22 - 01:19
Facebook Share
طباعة

للمرة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط، أعلنت الأمم المتحدة رسمياً أن قطاع غزة يعيش مجاعة رسمية، حيث يواجه نحو نصف مليون شخص جوعاً كارثياً. الأطفال هم الأكثر تأثراً، إذ يعانون من نقص حاد في الحليب المدعم والمكملات الغذائية الأساسية، ما يزيد من خطر سوء التغذية الحاد الذي يهدد حياتهم وصحتهم على المدى الطويل. السكان يقفون يومياً أمام مطابخ الإغاثة بآمال ضئيلة للحصول على وجبات أساسية، في ظل ازدحام شديد ونقص مستمر في الإمدادات الغذائية، وسط صمت المجتمع الدولي عن التدخل العاجل.

الأمم المتحدة أكدت أن المجاعة الحالية هي نتيجة مباشرة للإجراءات الإسرائيلية. مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، وصف استخدام التجويع كأسلوب حرب بأنه جريمة حرب، محذراً من أن الوفيات الناتجة عنه قد تُصنف كـقتل عمد. وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، أشار إلى أن الأزمة كان من الممكن تفاديها لو لم تُعرقل المساعدات الغذائية عند الحدود، واصفاً الوضع بأنه "لحظة عار جماعي"، مؤكداً أن العرقلة الممنهجة للمساعدات جعلت نصف مليون شخص يواجهون الموت البطيء.

في المقابل، نفت إسرائيل وجود أي مجاعة، مشيرة إلى دخول أكثر من 100 ألف شاحنة مساعدات منذ بداية الحرب، وانخفاض أسعار الغذاء في الأسواق. وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، هدد بتدمير مدينة غزة إذا لم تتخل حماس عن سلاحها وتطلق جميع الرهائن، فيما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو استئناف المفاوضات لإطلاق الرهائن بشروط إسرائيلية، رافضاً أي وقف إطلاق النار المؤقت إلا ضمن شروطه. هذا الموقف يظهر أن الأزمة الإنسانية أصبحت أداة ضغط سياسية واستراتيجية، حيث تستخدم الحكومة الحصار والتجويع كورقة ضغط على حركة حماس، في وقت يفشل المجتمع الدولي في ضمان إيصال المساعدات.


غزة: مأساة إنسانية في قلب العالم العربي

في قلب العالم العربي، حيث تتلاقى آمال الشعوب وتطلعاتهم نحو السلام والازدهار، تقف غزة اليوم شاهدة على مأساة إنسانية غير مسبوقة. فمنذ السابع من أكتوبر 2023، دخل القطاع في دوامة من العنف والدمار، حيث استشهد أكثر من 62,000 فلسطيني، بينهم 18,000 طفل و12,400 امرأة، وفقًا لوزارة الصحة في غزة .


لم تقتصر معاناة سكان غزة على القصف والدمار، بل امتدت لتشمل أزمة غذائية خانقة. أعلنت الأمم المتحدة رسميًا عن حدوث مجاعة في قطاع غزة، حيث يواجه أكثر من 514,000 شخص ظروفًا غذائية كارثية، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 641,000 بنهاية سبتمبر 2025 .


الأطفال في غزة هم الأكثر تضررًا من هذه الأزمة. تشير التقارير إلى أن أكثر من 130 طفلًا توفوا بسبب سوء التغذية الحاد في أغسطس 2025 فقط . وتعاني مئات الآلاف من الأطفال من نقص حاد في المكملات الغذائية الأساسية، مما يهدد حياتهم ومستقبلهم.


النساء في غزة يتحملن العبء الأكبر من هذه الأزمة. بالإضافة إلى فقدان العديد منهن لأزواجهن وأطفالهن، يواجهن تحديات صحية وغذائية كبيرة. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 17,000 امرأة بحاجة إلى علاج من سوء التغذية الحاد .

رغم الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، إلا أن القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة تعيق فعالية هذه الجهود. وتؤكد الأمم المتحدة أن هذه القيود تمثل جريمة حرب، حيث أن تجويع المدنيين لأغراض عسكرية يعد خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني .


الوضع على الأرض مأساوي. آلاف الفلسطينيين يقفون لساعات أمام مطابخ الإغاثة بآمال ضئيلة للحصول على وجبات أساسية. الأطفال يبكون من الجوع، والآباء عاجزون عن توفير أدنى مقومات الحياة لأسرهم. نقص الحليب المدعم والمكملات الغذائية الأساسية يزيد من خطر وفاة الأطفال بسبب سوء التغذية، ويهدد مستقبلهم الصحي والاجتماعي. المستشفيات والمراكز الطبية تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات، فيما يعاني القطاع الصحي من ضغوط هائلة نتيجة الإصابات اليومية جراء القصف المستمر والصراع المسلح.

المجاعة في غزة ليست مجرد أزمة إنسانية، بل أصبحت أداة سياسية وعسكرية في الصراع بين إسرائيل وحماس. إسرائيل تستخدم الأزمة كورقة ضغط لإجبار حماس على التخلي عن أسلحتها وإطلاق الرهائن، بينما تحذر الأمم المتحدة من تحويل التجويع إلى استراتيجية حرب، وهو ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية. استمرار القتال وتكدس المساعدات عند الحدود يضع سكان القطاع في مواجهة موت بطيء ونقص الغذاء والماء والكهرباء، ما يجعلهم رهائن للوضع السياسي أكثر من كونهم ضحايا طبيعة الصراع.

غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل ساحة اختبار للالتزام الدولي بالقانون الإنساني. المدنيون يعيشون تحت تهديد دائم بين الموت البطيء بالجوع والقصف المستمر، فيما المجتمع الدولي عاجز عن فرض حماية فعلية لهم. السؤال الأكثر إلحاحاً أصبح: هل ستتخذ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إجراءات فورية لإنقاذ نصف مليون فلسطيني، أم سيصبح هؤلاء مجرد أرقام في إحصاءات المجاعة القادمة؟

الوضع الإنساني الحاد يضع الأطفال والنساء وكبار السن في قلب الكارثة، ويبرز فشل جهود الإغاثة الحالية في مواجهة الأزمة. في ظل استمرار الحصار والقتال، من المرجح أن تتفاقم المجاعة وتنتشر إلى مناطق أخرى في القطاع، ما يجعل الحل السياسي العاجل وإيصال المساعدات الإنسانية أمرًا لا يمكن تأجيله إذا أراد العالم تفادي كارثة إنسانية أكبر.


إن ما يحدث في غزة ليس مجرد أرقام وإحصائيات، بل هو مأساة إنسانية تتطلب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي. يجب على العالم أن يتحمل مسؤوليته في إنهاء هذه المعاناة، والعمل على تقديم الدعم الإنساني اللازم، والضغط من أجل وقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين. غزة تستصرخ الضمير الإنساني، فهل من مجيب؟
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 5