بين البيانات الرسمية والواقع: خسائر المدنيين في الحرب

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.21 - 09:20
Facebook Share
طباعة

كشفت قاعدة بيانات سرية تعود للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، واطلعت عليها عدة وسائل إعلامية، أن نسبة الضحايا المدنيين في قطاع غزة خلال العمليات العسكرية منذ السابع من أكتوبر 2023م أعلى بكثير مما أعلنت السلطات الإسرائيلية رسمياً.

وفق البيانات، أدرج الجيش الإسرائيلي 8,900 مقاتل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي كقتلى أو “محتملين”، بينما بلغ عدد القتلى الإجمالي وفق وزارة الصحة في غزة نحو 53,000 شخص حتى مايو 2025، ما يعني أن نحو 83% من الضحايا كانوا من المدنيين. وعند احتساب الوفيات المؤكدة فقط من المسلحين، ترتفع النسبة إلى أكثر من 86%.

وتشير المصادر الاستخباراتية إلى أن قاعدة البيانات تتضمن 47,653 اسماً لفلسطينيين يعتقد أنهم مرتبطون بأجنحة مسلحة، منها 34,973 من حماس و12,702 من الجهاد الإسلامي. وتستند هذه الأرقام إلى وثائق داخلية للحركتين، مع تحديد أفراد بعينهم قتلوا في العمليات، بما يبرر تصنيفهم.
ومع ذلك، تبقى بعض الحالات غير مؤكدة، ولا تشمل العناصر غير الرسميين أو القادة المدنيين المستهدفين.

التقرير يكشف التباين الكبير بين ما أعلنته الحكومة الإسرائيلية علناً وبين البيانات الداخلية للجيش.
ففي تصريحات رسمية سابقة، أشار الجيش إلى أن نسبة الضحايا المدنيين إلى المسلحين كانت بين 1:1 و2:1، بينما تؤكد البيانات الداخلية أن غالبية الضحايا كانوا مدنيين وأن الانخفاض الظاهر في أعداد المسلحين على مر الأشهر يعكس تقلبات وإعادة تقييم مستمرة للبيانات، إضافة إلى الاعتماد على تقارير ميدانية قد تكون مبالغاً فيها.

الخبراء يشيرون إلى أن هذه النسبة المرتفعة للضحايا المدنيين نادرة حتى بالمقارنة مع النزاعات المسلحة المعروفة بالقتل العشوائي، مثل الحرب الأهلية السورية أو النزاعات في السودان.
ويعزو المحللون ذلك جزئياً إلى سياسة الجيش التي تراكمت فيها ثقافة الاعتماد على البيانات العسكرية كمقياس للنجاح، مما أدى إلى تضخيم عدد المسلحين وقتل المدنيين.

كما توضح التحقيقات أن جزءًا من الضحايا المعلنين كمقاتلين ربما كانوا مدنيين، بحسب شهادات جنود وقادة ميدانيين. وتشير التقديرات الأمريكية إلى أن حماس جندت نحو 15,000 عنصر خلال الحرب، أي ما يقارب ضعف ما قتلته القوات الإسرائيلية وفق البيانات الرسمية.

ويبرز التقرير أيضاً أن التصريحات العلنية لرؤساء الحكومة والقادة العسكريين منذ بداية الحرب استخدمت أرقاماً تهدف إلى تقديم صورة عن النجاح العسكري دون مراجعة دقيقة للحقائق، في حين تظل قاعدة البيانات الاستخباراتية المصدر الأكثر موثوقية للقيادة العسكرية.
ويؤكد المحللون أن هذه الفجوة بين البيانات الرسمية والداخلية تشير إلى ضرورة إعادة النظر في تقييم الأضرار المدنية خلال النزاعات المسلحة.

ويخلص التحقيق إلى أن حصيلة الضحايا المدنيين أعلى بكثير من الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية، وأن البيانات المستقاة من الاستخبارات توفر صورة أكثر وضوحاً عن الأثر البشري للعمليات العسكرية في غزة، مع إشارات واضحة إلى الحاجة لمراجعة سياسات التصنيف العسكرية والمعايير المتبعة في تحديد هوية القتلى. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1