ما الذي يدفع نتنياهو للتمسك بخيار غزة؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.21 - 05:23
Facebook Share
طباعة

خطاب بنيامين نتنياهو الأخير حول غزة يظهر تحولاً في طريقة مقاربة إسرائيل للحرب الدائرة فالمسألة لم تعد متعلقة فقط بالعمليات العسكرية، بل باتت مرتبطة برغبة في إعادة صياغة مستقبل القطاع وفق تصور أمني وسياسي يخدم أهداف إسرائيل طويلة المدى. الإشارات المتكررة إلى أن غزة لن تعود إلى ما كانت عليه تكشف عن توجه نحو فرض واقع جديد يتجاوز فكرة الردع التقليدي.

الجانب الأمني يمثل الركيزة الأولى في هذا التوجه فإسرائيل، بقيادة نتنياهو، تسعى إلى ضمان عدم بروز تهديدات جديدة من داخل القطاع هذا يتطلب، من منظورها، كسر البنية السياسية والعسكرية التي بنتها حركة حماس خلال السنوات الماضية، لذلك فإن العمليات الحالية يتم تصويرها باعتبارها عملية تحرر، في محاولة لتسويقها داخلياً وخارجياً على أنها خطوة نحو الاستقرار، بينما هي عملياً مسعى لترسيخ السيطرة ومنع أي شكل من أشكال الحكم المستقل في غزة.

البعد السياسي الداخلي له دور محوري نتنياهو يواجه ضغوطاً كبيرة من المعارضة ومن داخل الائتلاف الحاكم نفسه تصعيد الخطاب تجاه غزة وتأكيده على عدم القبول بالعودة إلى الوضع السابق يمنحه مساحة للهروب من أزماته السياسية في ظل الانتقادات المستمرة حول طريقة إدارة الحرب والخسائر المترتبة عليها، يجد في خطاب التشدد وسيلة لإظهار نفسه بمظهر القائد الحاسم الذي لا يتراجع أمام الضغوط.

عوامل السياسة الخارجية تزيد من تعقيد الموقف العلاقة مع الولايات المتحدة، خصوصاً مع الدوائر القريبة من دونالد ترامب، توفر لنتنياهو غطاءً لتبني مواقف أكثر تصلباً. الحديث عن توافق مع هذه الدوائر يعكس رغبته في ربط مسار الحرب بمواقف حلفاء قد يعيدون رسم السياسة الأميركية في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض هذا الربط يمنحه دعماً سياسياً في الداخل، ويعطي إشارات للخارج بأن إسرائيل تتحرك ضمن شبكة من التحالفات.

في ذات السياق ما يجري في غزة يتعارض مع السردية التي يحاول نتنياهو تقديمها الدمار والحصار المستمران يجعلان من رواية "التحرر" واجهة لتبرير سياسات تهدف إلى إضعاف المجتمع الفلسطيني بذلك، يتحول الجانب الإنساني إلى عبء على إسرائيل أمام الرأي العام الدولي، لكنه في الوقت ذاته جزء من استراتيجية الضغط التي تراها القيادة الإسرائيلية وسيلة لكسر أي مقاومة مستقبلية.

من زاوية القانون الدولي، استمرار السيطرة على قطاع غزة يفتح الباب أمام انتقادات واسعة ومطالبات بمساءلة إسرائيل ومع ذلك، فإن خطاب نتنياهو يبين استعداداً لتحمل هذه الكلفة السياسية مقابل ضمان أمن طويل الأمد.
هذه المقاربة تعطي انطباعاً بأن الحرب ليست مجرد رد فعل مؤقت، بل خطوة في مشروع أشمل لإعادة ترتيب الوضع السياسي والأمني في القطاع بما يمنع أي تهديد محتمل.

بهذا الشكل يتضح أن دوافع نتنياهو لا تنحصر في تحقيق مكاسب عسكرية، بل تتجاوزها إلى محاولة بناء سردية سياسية تبقيه على رأس المشهد في الداخل الإسرائيلي، وتمنح إسرائيل القدرة على التحكم بمصير غزة على المدى البعيد التركيز على الحسم وعدم التراجع يرسخ صورة مشروع طويل الأمد قد يستمر لسنوات، ويعيد تعريف العلاقة بين إسرائيل والقطاع في إطار من الهيمنة والسيطرة المفتوحة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8