منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، شهد إقليم دارفور تحولًا جذريًا في البنية الاجتماعية والسياسية. لم يعد الصراع مجرد مواجهة عسكرية بين قوتين، بل أصبح صراعًا قبليًا معقدًا يعيد تشكيل هوية المجتمع السوداني.
وفي تقرير حديث صادر عن مركز رع للدراسات الاستراتيجية، تم تسليط الضوء على تأثيرات الصراع في دارفور على إعادة تشكيل المجتمع السوداني. يشير التقرير إلى أن الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اندلعت في أبريل 2023، قد تجاوزت كونها مجرد صراع مسلح بين قوتين تتنازعان السلطة، لتأخذ أبعادًا اجتماعية وقبلية وإثنية معقدة، خاصة في إقليم دارفور.
إشكالية تقسيم الأطراف على أساس قبلي
القبيلة في السودان ليست مجرد وحدة اجتماعية تقليدية، بل تشكل نسيجًا مركزيًا في الحياة السياسية والاجتماعية، خاصة في المناطق الطرفية مثل دارفور. محاولات تقسيم الولاء داخل القبيلة تؤدي إلى تصدعات داخلية تهدد بنيتها الأساسية.
أبرز الإشكاليات:
تعذر انقسام الولاء في البنية القبلية: القبيلة ليست كيانًا جغرافيًا يمكن تقسيمه، بل هي منظومة علاقات نسبية وروحية مترابطة.
تفكك الروابط العائلية تحت ضغط الحرب: الولاءات المنقسمة تؤدي إلى صراعات داخل الأسر والعشائر، مما يزيد من منسوب العنف والاستقطاب الداخلي.
تسييس القبيلة وتحويلها إلى أداة للنفوذ: تحويل القبيلة إلى أداة تعبئة لصالح طرف معين يؤدي إلى مقاومة من داخلها، مما يهدد وحدتها واستقلالها.
تحجيم الدور التاريخي للزعامات التقليدية: الزعامات القبلية فقدت دورها كوسطاء اجتماعيين، وأصبحت جزءًا من منظومة الصراع، مما أضعف قدرتها على الحفاظ على السلم الاجتماعي.
مؤشرات إنهاك الأطراف نتيجة البنية القبلية
تحول الصراع إلى صراع قبلي معقد يؤدي إلى إنهاك الأطراف المتصارعة، مما يعقد من مسارات التفاوض ويجعل الوصول إلى حلول سلمية أكثر صعوبة.
أبرز المؤشرات:
تفتت التحالفات القبلية: التحالفات بين الأطراف المتصارعة مع بعض القبائل غالبًا ما تكون مؤقتة وهشة، مما يعوق بناء قاعدة دعم مستقرة.
فقدان الزعامات القبلية لشرعيتها: تحول الزعامات التقليدية إلى أدوات تعبئة لصالح طرف معين يؤدي إلى فقدانها لشرعيتها الاجتماعية والأخلاقية.
نزيف الموارد البشرية والاجتماعية: الانقسام داخل القبيلة يؤدي إلى استنزاف داخلي مستمر، مما يضعف القاعدة الشعبية لكلا الطرفين.
تعقيد مسارات التفاوض: الاستقطاب القبلي يعقد من مسارات التفاوض ويجعل الوصول إلى حلول سلمية أكثر صعوبة.
تحول الصراع في دارفور إلى صراع قبلي معقد يعيد تشكيل البنية المجتمعية في السودان. محاولات تقسيم الولاء القبلي وتسييس القبيلة تؤدي إلى تصدعات داخلية تزيد من تعقيد الصراع. لذلك، فإن الحلول السلمية تتطلب إعادة بناء النسيج الاجتماعي وتعزيز دور الزعامات التقليدية كوسطاء للحفاظ على السلم الاجتماعي.