نظام جديد لمجلس الشعب السوري… تحديات على الأرض

رزان الحاج

2025.08.21 - 12:23
Facebook Share
طباعة

 
أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، مرسومًا بالتصديق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري، الذي ينظم اختيار ثلثي أعضاء المجلس البالغ عددهم 210 أعضاء، بينما يعيّن الرئيس الثلث المتبقي. ويأتي هذا المرسوم في سياق إعادة تنظيم المؤسسات التشريعية في سوريا بعد سنوات من الاضطرابات السياسية، حيث يهدف إلى وضع إطار قانوني يحدد آليات وشروط الانتخابات والهيئات المسؤولة عنها.


يتضمن مرسوم النظام الانتخابي المؤقت 13 فصلًا و54 مادة، تحدد شروط الترشح والانتخاب، وتوزيع المقاعد على الدوائر الانتخابية وفق التقسيمات الإدارية والتمثيل السكاني، استنادًا إلى بيانات وزارة الإدارة المحلية لعام 2011. كما يوضح المرسوم طبيعة تشكيل الهيئات الناخبة واللجان الانتخابية، ومسؤولياتها في إدارة العملية الانتخابية بشكل شفاف ومنظم.


شروط اللجان الفرعية والهيئات الناخبة
حدد المرسوم مجموعة دقيقة من الشروط للعضوية في اللجان الفرعية، التي تشكل على مستوى كل دائرة انتخابية. من بين هذه الشروط: أن يكون العضو سوري الجنسية قبل عام 2011، مسجلًا في السجل المدني أو مقيمًا في الدائرة لمدة خمس سنوات متتالية، وأن يتمتع بالأهلية القانونية وحسن السيرة والسلوك، وألا يكون له سجل جنائي يشمل الجرائم المخلة بالشرف، مع استثناء القضايا السياسية والأمنية.


كما نص المرسوم على استبعاد من كان عضوًا في مجلس الشعب أو مرشحًا له بعد عام 2011، إلا إذا أثبت انشقاقه، وألا يكون من داعمي النظام السابق أو التنظيمات المصنفة إرهابية، أو من دعاة الانفصال أو الاستقواء بالخارج. كذلك، يشترط ألا يكون العضو منتسبًا للمؤسسات العسكرية أو الأمنية، أو شاغلًا مناصب وزارية أو محافظين أو نوابهم، وأن يكون ملتزمًا بأحكام الإعلان الدستوري وحاصلًا على شهادة جامعية أو ما يعادلها.


أما بالنسبة للهيئات الناخبة، فيُخصص ثلثا أعضاء مجلس الشعب وفق معايير فئتي الكفاءات والأعيان، مع نسبة 70% للكفاءات و30% للأعيان، ويخصص 20% من المقاعد للتمثيل النسائي، مع مراعاة ذوي الشهداء والمصابين والناجين من الاعتقال والمهجرين داخليًا وخارجيًا وذوي الإعاقة.


الجدول الزمني للانتخابات
أكدت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، برئاسة محمد طه الأحمد، أن الانتخابات ستُجرى بين 15 و20 من أيلول المقبل، دون تأجيل، مشيرة إلى أن تشكيل اللجان الفرعية سيبدأ مباشرة بعد صدور المرسوم، وستمنح هذه اللجان مدة 15 يومًا لاختيار الهيئات الناخبة. وأوضح المسؤولون أن زيادة عدد مقاعد المجلس من 150 إلى 210 مقاعد تهدف إلى زيادة تمثيل المحافظات بما يتوافق مع الإحصاءات السكانية لعام 2010.


يمكن القول إن النظام الانتخابي المؤقت يعكس محاولة لتحديث إطار الانتخابات البرلمانية مع مراعاة شروط الشفافية والتمثيل النسبي لفئات المجتمع المختلفة. ومع ذلك، تثير بعض المعايير المطروحة للترشح، مثل استبعاد الأشخاص الذين شغلوا مناصب سياسية بعد 2011 أو من شاركوا في النظام السابق، تساؤلات حول شمولية التمثيل السياسي في المستقبل، وقدرتها على ضمان مشاركة واسعة من أطياف المجتمع السوري كافة.


كما يبرز في النظام المؤقت تركيز كبير على التوزيع الدقيق للمقاعد بين الكفاءات والأعيان والتمثيل النسائي، ما يعكس محاولة لتوازن بين الخبرة المهنية والتمثيل المجتمعي. ويبدو أن إدراج معايير خاصة لذوي الشهداء والمصابين والمهجرين يسعى إلى تعزيز الشرعية الرمزية للمجلس الجديد، لكنه في الوقت نفسه يضع مسؤوليات كبيرة على اللجنة العليا لضمان تطبيق هذه المعايير بشكل عادل وموضوعي.


من الناحية العملية، يُظهر المرسوم رغبة السلطة في تنظيم عملية انتخابية منهجية ومنضبطة، بينما يبقى السؤال حول مدى قبول المجتمع الدولي والداخلي لهذا النظام، خصوصًا في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية المعقدة في مناطق مثل السويداء وشمال شرقي سوريا، حيث تسيطر قوى أخرى مثل “قسد”.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9