أعلنت إيران، عبر تصريحات وزير دفاعها العميد عزيز نصير زاده، أنها طورت جيلًا جديدًا من الصواريخ الباليستية المتقدمة، مؤكدة أنها ستُستخدم في أي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل. هذه التصريحات تأتي في سياق الحرب التي استمرت 12 يومًا في يونيو/حزيران 2025، والتي وصفها نصير زاده بأنها لم تقتصر على المواجهة المباشرة، بل شملت دعمًا استخباراتيًا ولوجستيًا من الولايات المتحدة. وأوضح أن الصواريخ المستخدمة خلال الحرب كانت مطورة مسبقًا، لكن إيران أنتجت ونشرت منذ ذلك الحين أسلحة أكثر تطورًا.
القدرات الصاروخية الإيرانية: تنوع ومدى بعيد
تتضمن الترسانة الإيرانية أنواعًا متعددة من الصواريخ، بدءًا من الصواريخ القصيرة المدى، مرورًا بالصواريخ متوسطة المدى، ووصولًا إلى الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، التي يمكن أن تصل إلى المدن الأمريكية والأوروبية.
الصواريخ الباليستية متوسطة المدى: مثل صاروخ "خرمشهر" الذي يصل مداه إلى نحو 2000 كيلومتر، قادر على حمل رؤوس حربية متعددة، ويُشكّل تهديدًا إستراتيجيًا لإسرائيل والدول الإقليمية.
الصواريخ الكروز: تتميز بدقة عالية في ضرب الأهداف الإستراتيجية، ما يزيد من صعوبة اعتراضها بواسطة منظومات الدفاع الجوي.
الصواريخ قصيرة المدى: تستهدف القوات الأمريكية وحلفاء إيران في المنطقة، لكن لا تُعد تهديدًا مباشرًا لإسرائيل على نطاق واسع.
وصرّح النائب الإيراني أمير حياة مقدم بأن جميع الدول الأوروبية باتت ضمن مدى الصواريخ الإيرانية، وأن الولايات المتحدة يمكن استهدافها من مواقع بحرية في الشرق الأوسط، ما يعكس طموح إيران في توسيع نطاق تهديدها الجيوسياسي والعسكري.
أداء الصواريخ والدفاعات الإسرائيلية
أكد نصير زاده أن الصواريخ الإيرانية "أصابت أهدافها بدقة وتسببت في أضرار جسيمة"، رغم استخدام إسرائيل أكثر منظوماتها الدفاعية تطورًا، مثل القبة الحديدية، أرو، باتريوت وثاد. وأوضح الوزير أن حوالي 40% فقط من الصواريخ تم اعتراضها في الأيام الأولى للحرب، بينما وصلت النسبة إلى 90% في نهاية الصراع.
مع ذلك، تشير بيانات مستقلة إلى أن إسرائيل نجحت في اعتراض نحو 95% من التهديدات الجوية الإيرانية، ما يُبرز التباين بين التصريحات الإيرانية والحقائق الميدانية، ويعكس الطبيعة النفسية والدعائية للخطاب الإيراني.
الاستراتيجية الإيرانية: الردع والتوسع الإقليمي
تصريحات إيران تعكس استراتيجية مزدوجة:
1. تعزيز الردع ضد إسرائيل: من خلال تصوير قدراتها الصاروخية كوسيلة رادعة ضد أي عدوان محتمل.
2. توجيه رسائل للغرب: التهديد بإمكانية استهداف الولايات المتحدة وأوروبا، ما يشير إلى أن إيران تستخدم ترسانتها الصاروخية أداة ضغط سياسي على المستوى الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، تستثمر إيران في التعاون العسكري مع دول مثل الصين لتعزيز قدراتها الصاروخية، بما في ذلك المواد والخبرات اللازمة لتحديث الترسانة بعد الأضرار التي لحقت بها في النزاعات السابقة.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة
يمكن تحديد ثلاثة سيناريوهات رئيسية محتملة في ضوء التهديدات الإيرانية:
1. تصعيد مباشر: قد تقوم إيران بشن هجمات صاروخية مباشرة على إسرائيل، مما يرفع احتمالية مواجهة عسكرية واسعة.
2. العمل عبر الوكلاء: استخدام ميليشيات حزب الله أو الفصائل الفلسطينية في تنفيذ هجمات ضد إسرائيل، ما يزيد من تعقيد الأمن الإقليمي.
3. التهدئة أو المفاوضات: في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية، قد تلجأ إيران إلى التفاوض مع إسرائيل والدول الغربية لتخفيف حدة التوتر.
تداعيات محتملة على المنطقة
الأمن الإقليمي: أي تصعيد إيراني سيؤدي إلى زيادة التوتر في الشرق الأوسط، ويؤثر على حركة الملاحة والطاقة، خاصة عبر مضيق هرمز.
الاستقرار السياسي الدولي: التهديدات ضد الولايات المتحدة وأوروبا قد تستدعي تحركات دبلوماسية وعقوبات إضافية، ما يزيد من صعوبة إدارة الأزمة.
الجانب الإنساني: أي صراع محتمل سيؤدي إلى تصاعد الأزمة الإنسانية في مناطق النزاع، مع تهديد حياة المدنيين بشكل مباشر.
تسعى إيران من خلال تصريحاتها إلى تعزيز صورتها كقوة ردع استراتيجية، مع إبراز قدراتها الصاروخية المتقدمة واستهداف إسرائيل والدول الغربية المحتملة. في المقابل، تواجه إسرائيل تحديات كبيرة في الدفاع الجوي وإدارة المخاطر، بينما يبقى المجتمع الدولي أمام مسؤولية اتخاذ خطوات استباقية للحد من التصعيد المحتمل وتأمين استقرار المنطقة.