النشر بالكردية: رسالة دمشق الجديدة

سامر الخطيب

2025.08.20 - 03:48
Facebook Share
طباعة

 أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أنها ستبدأ هذا الأسبوع بالنشر باللغة الكردية، في خطوة رمزية تحمل رسائل سياسية عميقة، وتُعد مؤشراً على توجه الحكومة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، نحو الانفتاح على المكونات الكردية في شمال شرق البلاد.


تأتي هذه الخطوة في سياق مناخ سياسي متغير، تشهده سوريا منذ تسلّم الحكومة الجديدة زمام السلطة، بعد طي صفحة النظام السابق. وبحسب تصريحات المدير الجديد لـ"سانا"، اللواء زياد محاميد، فإن التوسعة الإعلامية ستشمل أيضاً اللغتين التركية والإسبانية، إلا أن إدخال اللغة الكردية على وجه الخصوص يأتي في إطار مساعٍ رسمية لإعادة بناء الثقة مع السكان الأكراد، الذين يشكلون جزءاً أصيلاً من النسيج السوري.


تحوّل في التعامل مع الملف الكردي
منذ تشكيل الحكومة الجديدة، برزت إشارات متكررة على نيتها إعادة هيكلة العلاقة مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تدير مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا. بعكس ما كان سائداً في السابق، يبدو أن العلاقة الحالية تسير باتجاه البحث عن تسويات واقعية تضمن وحدة البلاد، وتُراعي في الوقت ذاته الخصوصيات الثقافية والإدارية للمناطق ذات الأغلبية الكردية.


ويرى مراقبون أن هذه المبادرة الإعلامية تعكس هذا التوجه الجديد. فالاعتراف باللغة الكردية في الإعلام الرسمي ليس مجرد قرار إداري، بل هو تأكيد على الاعتراف الرسمي بوجود ثقافي ولغوي كان مهمّشاً لسنوات طويلة.


خطوة محسوبة ضمن مفاوضات أوسع
القرار جاء في وقت تُجرى فيه مفاوضات دقيقة بين الحكومة المركزية وقيادات الإدارة الذاتية، بهدف الوصول إلى تفاهم سياسي طويل الأمد. وبينما لم تُعلن تفاصيل كثيرة حول تقدم هذه المحادثات، إلا أن مصادر قريبة من الملف تؤكد أن هناك تقدماً حذراً، وأن الطرفين يحاولان تجنب العودة إلى أي صدام مسلح، خاصة بعد مواجهات متفرقة شهدتها بعض المناطق في الأشهر الماضية.


تأمل الحكومة السورية الجديدة أن تفتح هذه الخطوات الرمزية الباب أمام بناء جسور من التفاهم والثقة، خاصة في ظل حاجة البلاد إلى إعادة بناء شاملة، تبدأ من الداخل وتعتمد على استيعاب كافة مكوناتها، دون إقصاء أو تهميش.


سياق دولي داعم للاستقرار
اللافت أن هذه التطورات تزامنت مع زيارة وفد من أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى دمشق، حيث التقى الرئيس أحمد الشرع بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الداخلية أنس خطاب. ورغم عدم الكشف عن تفاصيل المباحثات، إلا أن مراقبين رجّحوا أن أحد محاورها كان دعم الاستقرار في مناطق شمال شرق سوريا، وتشجيع الحلول السياسية على حساب الخيارات العسكرية.


كما زار الوفد الأمريكي العاصمة الأردنية عمّان، حيث التقى الملك عبد الله الثاني، الذي أكد خلال اللقاء على أهمية دعم وحدة الأراضي السورية وعودة الاستقرار، في موقف يبدو متناغماً مع التوجه الجديد للحكومة السورية.


الكردية ليست فقط لغة... بل إشارة سياسية
يرى البعض أن إدراج اللغة الكردية في الإعلام الرسمي هو إعلان غير مباشر بأن الحكومة تعترف بالتنوع السوري، وتسعى لإدارته لا قمعه. وهذا يضع اللبنة الأولى في مسار طويل، لكنه ضروري، نحو مصالحة وطنية شاملة.


ومع أن الخطوة لا تحمل طابعاً تنفيذياً مباشراً على المستوى السياسي أو الإداري، إلا أنها تمثل مؤشراً على تحوّل في النظرة الرسمية تجاه قضية طالما كانت محل توتر داخلي وخلاف إقليمي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7