في تقرير أثار سخرية المتابعين، نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية تقريرًا بعنوان "حلم مصر الكبير"، زاعمة أن القاهرة تخطط لإرسال آلاف العمال والمهندسين المصريين إلى غزة لإعادة الإعمار، وأن كل شيء سيكون بمثابة صفقة أحلام "للرعاية المصرية المثالية". المزاعم الإسرائيلية جاءت مليئة بالتخيلات، وكأن غزة ملعب تجارب اقتصادي وسياسي، بينما الواقع مختلف تمامًا.
الصحيفة العبرية لم تفوّت فرصة التهويل، فتحدثت عن آلاف العمال والمهندسين المصريين، وبيوت متنقلة، ورواتب “مجزية”، وكأن القاهرة بصدد إطلاق مشروع اقتصادي عالمي في قلب غزة.
المزاعم الإسرائيلية بين الواقع والخيال
تقول الصحيفة العبرية إن مصر تعتزم تقديم فرص عمل مجزية لمهندسيها وعمالها في غزة، مع تركيب بيوت متنقلة للمقيمين الفلسطينيين، كل ذلك في مشهد يبدو كأنه إعلان لمهرجان اقتصادي بدلاً من أزمة إنسانية حقيقية.
وتشير معاريف إلى أن القاهرة، وفق ادعاءاتها، تعتقد أن إسرائيل تمتلك "خطة طوارئ" لإبعاد المصريين عن القطاع إلا إذا ضمت مصر غزة إلى حدودها. هذا السيناريو يبدو وكأنه فيلم خيال علمي أكثر منه خطة سياسية واقعية، ويكشف عن غرور تخيلي غير مبرر لدى الإعلام الإسرائيلي.
---
الزيارات والرسائل الملتبسة
وتزعم الصحيفة أن زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى عند معبر رفح، جاءت لتثبت للجانب الإسرائيلي أن القاهرة لديها خطة لإدارة غزة. الغريب أن التقرير يفتقد لأي ذكر لحركة حماس أو الجهاد الإسلامي، وكأن إسرائيل تتخيل أن الفلسطينيين مجرد مشاهدين في لعبة الدبلوماسية المصرية.
“الملايين المزعومة”… أم مجرد أحلام إسرائيلية؟
بحسب المزاعم الإسرائيلية، تخطط مصر لإرسال فرق ضخمة من العمال والمهندسين، وإدخال بيوت متنقلة، وإعادة بناء كل شيء بدءًا من المدارس والمستشفيات إلى الطرق والمرافق العامة. كل ذلك، بحسب الصحيفة، مقابل رواتب مغرية للمصريين.
الواقع؟ كل هذه الأرقام والمصاريف لا تزال مجرد سيناريوهات في عقول كتاب معاريف، الذين يحبون تحويل أي خطوة مصرية في غزة إلى مشروع ملياري خيالي. وكأن كل عامل مصري يرسله الوزير عبد العاطي إلى القطاع سيجلب معه ماكينة صرافة كبيرة، ويعيد بناء غزة وحده.
“خطة مصر السرية” التهجير الأفريقي
ولم تكتف معاريف بذلك، بل أضافت أن مصر تقاوم "جهود تهجير الفلسطينيين" إلى دول أفريقية مثل الجزائر وليبيا والصومال، وصفّت هذه الدول بأنها "غير حلم المهاجرين". هكذا تحولت الأزمة الإنسانية إلى مسرحية جيوسياسية، فيما يبدو أن إسرائيل نفسها غير قادرة على تمييز الواقع عن الخيال.
تقول معاريف إن مصر تخشى تهجير الفلسطينيين إلى الجزائر وليبيا والسودان والصومال، وتعمل خلف الكواليس لمنع هذا السيناريو. لكن بطريقة طريفة، الصحيفة تصوّر مصر كـ “شرطي عالمي” يحمي الفلسطينيين من مغامرات الترحيل، وكأن القاهرة تشرف على خريطة عالمية لتوزيع لاجئي غزة.
الوزير المصري يعرف إسرائيل جيدًا… والخيال الإسرائيلي لا حدود له
يشير التقرير إلى أن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بدأ مسيرته في السفارة المصرية بتل أبيب، لذا “يعرف الإسرائيليين جيدًا”. ومن هذا المنطلق، تتصور معاريف أن أي خطوة مصرية في غزة يتم مراقبتها وكأنها عملية عسكرية مخفية، بينما الحقيقة أن زيارات الوزير ولقاءاته مع المسؤولين الفلسطينيين تهدف فقط للتنسيق الإنساني والدبلوماسي.
كل حديث الصحيفة عن ملايين الدولارات المفترضة، والبيوت المتنقلة، والمهندسين والعمال المصريين، يبدو وكأنه مشهد من فيلم كوميدي إسرائيلي، أكثر من كونه تقريرًا عن جهود مصر الحقيقية. فالميزانيات المعلنة في الخيال الإسرائيلي تتجاوز كل المنطق، وتحوّل أي مشروع إنساني مصري إلى “مشروع عالمي بملايين الدولارات” في أعين الكتاب الإسرائيليين.
بين المزاعم الإسرائيلية والواقع المصري، يبدو أن “حلم مصر الكبير” تحول إلى كابوس هزلي في عيون معاريف. بينما القاهرة تركز على التنسيق الإنساني، وتحسين الوضع في غزة، وإرسال خبراتها الهندسية والعملية لدعم إعادة الإعمار، يستمر الإعلام الإسرائيلي في تحويل كل تفصيلة إلى سيناريوهات مليارية وساحرة، لكنها لا تمت للحقيقة بصلة.
وفي النهاية، يبقى واضحًا أن مصر لا تصرف الملايين كما يتصور الإعلام الإسرائيلي، وأن كل ما في التقرير هو مزاعم ساخرة أكثر من كونها واقعًا ملموسًا.