أكدت وزارة الخارجية القطرية، اليوم الثلاثاء، أن رد حركة حماس على المقترح المصري-القطري كان إيجابياً جداً، ومتطابقاً بشكل كبير مع ما وافقت عليه إسرائيل سابقاً. هذا التوافق يمثل خطوة ملموسة في مسار الوساطة الدولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين في قطاع غزة، ويفتح الباب أمام جهود تهدئة يمكن أن تؤدي إلى اتفاق شامل يوقف دائرة العنف المستمرة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن رد حماس الأخير يتطابق بنسبة 98% مع المقترح الذي طرحه المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، واصفاً الورقة بأنها "أفضل ما يمكن تحقيقه في الوقت الراهن". يشمل المقترح المعدل تعليق العمليات العسكرية الإسرائيلية لمدة 60 يوماً، ومساراً للتوصل إلى اتفاق شامل، مع السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر. وكان القيادي في حماس، باسم نعيم، أعلن أن الحركة سلمت ردها بالموافقة على المقترح الجديد للوسطاء.
رد حماس الإيجابي يعكس تقدماً استراتيجياً في الوساطة الدبلوماسية الإقليمية، حيث استطاعت قطر ومصر استغلال قنوات الاتصال مع الحركة وإسرائيل لإيجاد أرضية توافقية. هذا التقدم السياسي يحمل دلالات مهمة على قدرتها على كبح التصعيد العسكري مؤقتاً، ويتيح المجال لإعادة ترتيب الأوراق بين الأطراف الدولية والإقليمية المعنية. كما يوضح أن حماس، رغم الضغوط العسكرية، ما زالت تحتفظ بمساحة من المناورة السياسية، قادرة على التفاعل مع المقترحات الدولية دون التخلي عن أهدافها الأساسية.
على الرغم من التوافق الظاهري، يظل القطاع العسكري قضية شائكة، إذ تواصل إسرائيل إعداد خطتها لاحتلال مدينة غزة، مع السيطرة على نحو 75% من أراضي القطاع. المقترح المعدل قد يوفر فترة توقف مؤقتة للعمليات العسكرية، ما يتيح لحماس إعادة ترتيب مواقعها، وتأمين المناطق الحيوية، بينما تمنح إسرائيل فرصة لإعادة تقييم استراتيجيتها. هذا التوازن الهش بين التهدئة المؤقتة والعمليات العسكرية المحتملة يشير إلى أن أي إخلال في تطبيق الاتفاقيات يمكن أن يؤدي سريعاً إلى تصعيد جديد، مما يجعل متابعة الرد الإسرائيلي خطوة حاسمة لتحديد مستقبل التهدئة.
القطاع يواجه أزمة إنسانية حادة تشمل نقص الغذاء والدواء، وانقطاع الخدمات الأساسية. السماح بإدخال المساعدات عبر المقترح الجديد يمثل خطوة حيوية لتخفيف المعاناة اليومية للمدنيين، وقد يكون عاملاً أساسياً في تعزيز الشرعية الدولية للعملية التفاوضية. على الصعيد الدولي، يبرز دور الولايات المتحدة كمحرك للوساطة عبر مبعوثها ويتكوف، فيما يضمن المجتمع الدولي متابعة الالتزام بالهدنة وحقوق المدنيين، مع الضغط على الأطراف لتطبيق المقترحات بشكل فعلي على الأرض.
رد حماس الإيجابي يمثل بارقة أمل لإحراز تقدم دبلوماسي وإنساني في غزة، لكنه يبقى هشاً ويعتمد على سرعة ومرونة الرد الإسرائيلي، بالإضافة إلى قدرة الوسطاء على متابعة التنفيذ على الأرض. نجاح المقترح قد يمهد الطريق لمفاوضات أوسع لإنهاء الحرب، بينما أي إخفاق في التطبيق سيؤدي حتماً إلى تجدد التصعيد العسكري، مع استمرار الأزمة الإنسانية في القطاع.
وتلعب كل من مصر وقطر دورًا محوريًا كوسطاء لإدارة الصراع وفتح قنوات التواصل بين حماس وإسرائيل. مصر تعتمد على نفوذها التقليدي في القطاع الغزي وعلاقاتها مع الأطراف الإقليمية لضمان الالتزام بالتهدئة، بينما قطر توفر الدعم السياسي والمالي لحماس وتعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية. هذا التعاون الإقليمي يعكس استراتيجية مزدوجة: الحفاظ على الاستقرار النسبي في غزة، ومنع أي تصعيد يهدد الأمن الإقليمي، خصوصًا في ظل الاهتمام الإسرائيلي بضمان أمن الحدود الجنوبية.
الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً عبر المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، الذي قدم إطاراً للتسوية يضمن مصالح جميع الأطراف ويوازن بين الضغوط العسكرية والسياسية. المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، يراقب الوضع عن كثب ويضغط لضمان حماية المدنيين، مع التركيز على تطبيق التهدئة بشكل كامل. نجاح المقترح سيكون مؤشرًا على قدرة الوساطة الدولية على إدارة النزاعات الإقليمية المعقدة، وقد يشكل نموذجًا للتعامل مع صراعات مماثلة في المستقبل.
البعد الإقليمي والدولي يحدد بشكل كبير مصير المقترح الحالي في غزة، حيث يترابط نجاح التهدئة مع قدرة الوسطاء على فرض التزامات الأطراف كافة، واستجابة إسرائيل السريعة والمحددة. التوازن بين الضغوط العسكرية والسياسية والاهتمام الإنساني يظل العامل الحاسم في تحديد ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى تهدئة طويلة الأمد أم ستبقى مرحلة مؤقتة ضمن صراع طويل ومعقد.