معضلات التأجيل في صفقة الوسطاء

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.18 - 10:30
Facebook Share
طباعة

المفاوضات بين إسرائيل وحماس تدخل مرحلة جديدة مع مقترح "ويتكوف بلاس"، الذي حاول الوسطاء تعديله ليكون أكثر قبولًا للطرفين ورغم أن حماس أبدت موافقتها على التعديلات، فإن الموقف الإسرائيلي لا يزال غامضًا، وهو ما يكشف عن خلفيات أعقد من مجرد نصوص تفاوضية.

الرفض أو التردد الإسرائيلي في قبول صفقة جزئية يرتبط بعدة اعتبارات، أولها الانقسامات الداخلية في الحكومة الإسرائيلية، حيث يرفض وزراء متشددون أي تنازل قد يُفسر على أنه انتصار لحماس، ثانيها، ضغط الرأي العام الإسرائيلي الذي ينقسم بين المطالبة بإعادة الأسرى والرهائن بسرعة، وبين من يرى أن أي اتفاق قد يُعطي الحركة فرصة لإعادة تنظيم صفوفها هذه الحسابات الداخلية تجعل القرار النهائي في تل أبيب مرهونًا أكثر بتوازنات السياسة الداخلية منه بجدوى الصفقة على الأرض.

من جانب آخر، لا يمكن فصل التعقيد الراهن عن الموقف الأميركي.
فتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "تدمير حماس" عززت موقف المتشددين في الحكومة الإسرائيلية، رغم أن واشنطن وافقت رسميًا على تفاصيل المقترح. هذا التناقض يعكس ازدواجية السياسة الأميركية: دعم المسار الدبلوماسي عبر الوسطاء، وفي الوقت نفسه إطلاق مواقف تصعيدية تعرقل فرص التهدئة.

المقترح الذي عُرض، ويشمل انسحابًا محدودًا للقوات الإسرائيلية من بعض المناطق في غزة، وإطلاق سراح أسرى من الجانبين، إضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية عاجلة، يمثل خطوة نحو تخفيف الكارثة الإنسانية وفتح نافذة لوقف إطلاق النار غير أن خلفيات التعطيل تكشف أن إسرائيل تتعامل مع غزة وفق رؤية أوسع تُعرف داخل أروقة الحكومة بـ"خطة مدينة غزة"، التي تهدف إلى فرض واقع جديد في القطاع، ما يجعل أي اتفاق هدنة موقتة وسيلة لإعادة التموضع وليس لإنهاء الحرب.

على الصعيد الفلسطيني، قبول حماس بالمقترح يعكس ضغوطًا متزايدة عليها بعد أشهر من الحرب والاستنزاف. موافقة الفصائل الأخرى، مثل الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، على الخطوة، تشير إلى إدراك بأن استمرار المعركة دون أفق سياسي قد يؤدي إلى نتائج أخطر، خصوصًا مع مساعي إسرائيل لترسيخ سيطرتها على مناطق محددة من القطاع.

لكن تظل العقبة الأساسية أن المفاوضات تجري في ظل انعدام الثقة، سواء بين إسرائيل وحماس، أو بين أطراف الحكومة الإسرائيلية نفسها. هذا الانقسام الداخلي يعمق الفجوة بين ما يطلبه الوسطاء وما يمكن أن توافق عليه تل أبيب، ويجعل أي تقدم هشًا وقابلًا للانهيار عند أول مواجهة جديدة.

الخلفية الأعمق أن الأزمة ليست في تفاصيل الصفقة وحدها، بل في تضارب استراتيجيات الأطراف: إسرائيل التي تريد إعادة صياغة مستقبل غزة عبر القوة والسيطرة، وحماس التي تبحث عن كسر الحصار وحماية وجودها، والوسطاء الذين يسعون لإنقاذ أرواح المدنيين عبر اتفاقات مؤقتة
وبين هذه الحسابات، يبقى المدنيون في غزة وإسرائيل هم الضحية المباشرة لتأجيل التسويات وتغليب الحسابات السياسية على الإنسانية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 3