خلفيات معركة تجديد اليونيفيل وأبعادها الأمنية والدبلوماسية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.18 - 06:46
Facebook Share
طباعة

على مشارف انتهاء ولاية القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) نهاية أغسطس الحالي، تتكشف أبعاد دبلوماسية وسياسية معقدة تتجاوز مجرد قرار التجديد الذي يعكس صراعات مصالح متشابكة بين لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، وسط رهانات على قدرة اليونيفيل على الاستمرار كضامن نسبي للاستقرار في الجنوب اللبناني.

خلفيات هذا الملف تعود إلى التوترات المتصاعدة بين الأطراف الإقليمية والدولية إسرائيل تسعى لإنهاء مهام اليونيفيل بشكل كامل، معتبرة أن استمرارها يقيّد حرية الحركة ويحد من قدرة الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملياته على الحدود الجنوبية في المقابل، بعض الأوساط الأميركية تتبنى موقف التراجع أو التقليص التدريجي للبعثة، مستندة إلى تقييم محدودية فعاليتها أمام خروقات متكررة وتهديدات تعرضت لها القوات في مراحل سابقة الموقف الأميركي يعكس أيضاً توجهات مؤسسات دستورية، بما فيها الكونغرس، التي ترى أن استمرار التمويل الأميركي لبعثات محدودة التأثير قد يكون غير مجدٍ.

فرنسا تتبنى استراتيجية حشد الدعم الدولي داخل مجلس الأمن، محاولة ضمان أصوات كافية لاستمرار اليونيفيل، مع الحفاظ على الصياغة التي تسمح لها بممارسة مهامها دون قيود.
دعم فرنسا يأتي ضمن خطة أوسع لتعزيز التعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية، ما يتيح مراقبة التهدئة وتهدئة أي توترات محتملة بين الأطراف اللبنانية والإسرائيلية، مع الحفاظ على السيادة الوطنية.

الجانب اللبناني لعب دوراً أساسياً في هذه المعركة الدبلوماسية من خلال اجتماعات الوزير يوسف رجّي مع سفراء بريطانيا وباكستان، جرى تأكيد موقف لبنان على تمديد البعثة وفق الصيغة التي تحمي استقلالية الجيش اللبناني وتفرض حصر السلاح بيد الدولة ، هذا التحرك يعكس إدراك لبنان أن بقاء اليونيفيل مرتبط ليس فقط بالقرار الأممي، بل بالقدرة على إقناع القوى الكبرى بأن استمرارها يحقق الاستقرار ويخفف من خطر التصعيد جنوباً.

التحديات لا تقتصر على السياسة والدبلوماسية، إذ تمتد إلى الأرض نفسها الرؤية الأميركية تشير إلى أن اليونيفيل ما زالت مقيدة الحركة، وتواجه اعتداءات متكررة، ما يقلل من جدوى استمرارها ما لم تُمنح حرية كاملة في أداء مهامها والدفاع عن نفسها.
في الوقت ذاته، تطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني على كامل الأراضي الجنوبية، بالإضافة إلى ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، يُنظر إليه كخيار يقلص الحاجة للبعثة على المدى الطويل، ويمنح الجيش القدرة على حماية الحدود ومواجهة أي خرق للسيادة.

من منظور استراتيجي، التجديد المقبل يمثل اختباراً حقيقياً لقدرة لبنان على إدارة التوازن بين دعم المجتمع الدولي لاستقرار الجنوب وتعزيز سيادة الدولة اللبنانية على الأرض. اليونيفيل ليست مجرد قوة مراقبة، بل قوة متعددة المهام تجمع بين الدور العسكري والدبلوماسي، وتشكل مرآة لحدود قدرة الأمم المتحدة على فرض الأمن في بيئات متقلبة ومعقدة سياسياً وأمنياً.

ملف اليونيفيل لا يعكس فقط قضية عسكرية أو أمنية، بل يسلط الضوء على صراع مصالح دولية متشابكة، حيث يحاول كل طرف فرض رؤيته حول دور القوات الدولية، بينما يسعى لبنان لضمان استمرارها كأداة داعمة لسيادته وأمن شعبه. التجديد القادم للبعثة لن يكون قراراً روتينياً، ويستمر حتى اللحظات الأخيرة قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن، مع متابعة دقيقة لأداء القوات وحقها في الدفاع عن نفسها كشرط لإبقاء الجنوب اللبناني مستقراً وآمناً. 

x.com/YoussefRaggi/status/1957377420941578324

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 6