أوروبا تسبق واشنطن بلقاء زيلينسكي قبل ترامب

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.18 - 05:47
Facebook Share
طباعة

قبل ساعات من اللقاء المرتقب بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، سعت العواصم الأوروبية إلى إرسال رسالة سياسية واضحة عبر اجتماع “تحضيري” جمع عدداً من القادة الأوروبيين مع زيلينسكي في بروكسل، اللقاء الذي أعلنت عنه المفوضية الأوروبية، اليوم الاثنين، جاء في توقيت بالغ الحساسية بعد قمة ألاسكا بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي أسست لمعادلات جديدة في النقاش حول مستقبل الحرب الأوكرانية.

الدلالة الأولى لهذا الاجتماع تكمن في محاولة أوروبا تثبيت موقعها كفاعل أساسي في صياغة أي تسوية محتملة فالحرب تجري على حدودها، وانعكاساتها الاقتصادية والأمنية تطال الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر، خصوصاً في ملف الطاقة والهجرة لذلك، لا تريد بروكسل أن تترك الملف رهينة تفاهم ثنائي بين واشنطن وموسكو قد يتجاهل المصالح الأوروبية.

من بين الحضور، برزت أسماء أورسولا فون دير لاين، المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى جانب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، هذا الطيف يعكس محاولة توحيد الجبهة الغربية، رغم التباينات الداخلية حول كيفية التعامل مع موسكو فرنسا مثلاً تدفع باتجاه مقاربة دبلوماسية، بينما تتبنى بريطانيا وألمانيا خطاً أكثر تشدداً في دعم كييف عسكرياً.

الاجتماع لم يكن رمزياً فحسب، بل حمل مضموناً عملياً فقد دعا زيلينسكي علناً إلى الحصول على “ضمانات أمنية ملزمة” لبلاده، على غرار المادة الخامسة في ميثاق الناتو، في إشارة واضحة إلى خشيته من أن يؤدي تقارب ترامب–بوتين إلى تهميش مطلب انضمام أوكرانيا للحلف.

في المقابل، أظهر ترامب بعد قمة ألاسكا استعداداً لتجاوز شرط وقف إطلاق النار الذي كان يصر عليه سابقاً قبل أي مفاوضات سلام، مفضلاً الحديث المباشر عن “اتفاق نهائي” مع روسيا هذه الإشارة فسرت في أوروبا على أنها محاولة للبحث عن صفقة كبرى ترضي موسكو وتمنح ترامب إنجازاً انتخابياً داخلياً، وهو ما يثير قلق العواصم الأوروبية التي تخشى أن تأتي التسوية على حساب سيادة أوكرانيا.

أوروبا تريد من هذا الاجتماع التحضيري وضع خطوط حمراء أمام واشنطن: أي سلام يجب أن يضمن بقاء أوكرانيا كدولة مستقلة ذات سيادة، مع استمرار دعمها عسكرياً واقتصادياً في حال تجاوزت واشنطن هذه الثوابت في مفاوضاتها، فإن الاتحاد الأوروبي سيجد نفسه أمام معضلة استراتيجية تهدد وحدته الداخلية ومصداقيته كقوة فاعلة في الساحة الدولية.

في المحصلة، الاجتماع لم يكن مجرد تحضير بروتوكولي، بل خطوة استباقية لحجز مقعد أوروبي على طاولة التفاهمات الكبرى فبينما يذهب ترامب إلى لقاء زيلينسكي بعقلية “الصفقة”، يسعى الأوروبيون لتقييد مساحة المناورة الأميركية، والتأكيد أن مستقبل الحرب لا يمكن رسمه من ألاسكا أو واشنطن وحدهما، بل من قلب أوروبا نفسها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 9