في خطوة دبلوماسية جديدة، أكدت القاهرة استمرار جهودها لوقف التصعيد في قطاع غزة، من خلال مبادرة هدنة مؤقتة لمدة 60 يوماً، تتضمن مشاركة قوات دولية ضمن أفق سياسي يهدف إلى تجسيد الدولة الفلسطينية. يأتي ذلك وسط تعقيدات وشروط وصفتها مصر بـ"التعجيزية" تمنع الوصول لاتفاق شامل حتى الآن.
أوضح وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في تصريحات صحفيه أن الحوار قائم مع حركة حماس والوسيط القطري بهدف بلورة مقترح هدنة، معتمداً على ورقة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، مع بعض التعديلات التي تهدف لتجاوز الملاحظات الفلسطينية والإسرائيلية.
وأشار عبد العاطي إلى "طرح أفكارا يمكن أن تنجح إذا كانت هناك إرادة سياسية من إسرائيل"، مؤكداً استعداد مصر لنشر قوات دولية في غزة كجزء من ترتيبات سياسية مستقبلية. كما شدد على وجود توافق حول تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعية" لإدارة غزة بعد الحرب، في محاولة لضمان استقرار الإدارة المحلية وتسهيل إعادة الإعمار.
مصادر مطلعه أكدت أن المقترح المصري القطري يجمع بين حلول جزئية وشاملة، ويشمل الإفراج عن المحتجزين وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، مع ضمانات أميركية لتثبيت الاتفاق. وقد تم تسليم المبادرة الجديدة إلى حماس بحضور قادة الفصائل الفلسطينية، الذين طلبوا من الحركة إعداد رد سريع خلال الساعات القادمة.
وتسعى مصر وقطر من خلال هذا المقترح إلى تمهيد الطريق لاتفاق طويل الأمد، بعد استعادة الهدوء المؤقت في القطاع، مع الحفاظ على التوازن بين الضغوط الإنسانية والسياسية لضمان أن تكون صفقة ما بعد الحرب مستدامة.
تشهد جهود الوساطة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية تعقيدات متزايدة، بسبب الشروط الصعبة التي تفرضها إسرائيل على أي اتفاق، والتي تتعلق بالحدود والضمانات الأمنية. في المقابل، تُصر حماس والفصائل على شروط مرتبطة بالإفراج عن الأسرى ووقف العمليات العسكرية بشكل شامل.
مصر، التي تلعب دور الوسيط التقليدي منذ سنوات، تعتمد على أفق سياسي طويل المدى، بما يشمل إشراك المجتمع الدولي لضمان استقرار القطاع بعد الحرب. كما أن التنسيق مع قطر يعكس الرغبة في خلق توافق عربي فلسطيني يدعم موقف القاهرة ويزيد من فرص نجاح المبادرات.
إذا تمكنت مصر من التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة لمدة 60 يوماً، فإن هذا سيفتح المجال لمفاوضات أشمل حول إعادة إعمار غزة، وتحديد إطار سياسي لإدارة القطاع، وربما يسهم في تعزيز دور المجتمع الدولي في مراقبة تنفيذ الاتفاق. مع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو إرادة إسرائيل السياسية في قبول ترتيبات تتعلق بالقوات الدولية والضمانات الفلسطينية، وهو ما سيحدد ما إذا كانت المبادرة ستتحول إلى اتفاق مستدام أم ستظل مجرد هدنة مؤقتة.