الرقة تشهد مؤتمرًا تشاوريًا مثيرًا للجدل

2025.08.18 - 11:53
Facebook Share
طباعة

 تستعد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومجلس سوريا الديمقراطية (مسد) والإدارة الذاتية لعقد مؤتمر تشاوري في مدينة الرقة، بمشاركة ممثلين عن مكونات اجتماعية وسياسية مختلفة. ويهدف المؤتمر، وفق التحضيرات الجارية، إلى مناقشة مجموعة من المبادئ الدستورية غير المدرجة في الإعلان الدستوري المؤقت، تمهيدًا لتقديمها لاحقًا للحكومة السورية الجديدة في إطار مفاوضات سياسية.


تتجاوز الاستعدادات حدود شمال شرق سوريا، إذ تشمل مشاورات مع أطراف اجتماعية وتيارات سياسية من مناطق أخرى، في محاولة لإبراز المؤتمر كمبادرة وطنية جامعة، تسعى الإدارة الذاتية وقسد إلى تقديم نفسها من خلالها كجهات سياسية "مرنة" قادرة على استيعاب التنوع الاجتماعي والديني والسياسي في سوريا.


يأتي هذا المؤتمر بعد مؤتمر الحسكة الذي عقد في الثامن من أغسطس الحالي تحت شعار "وحدة موقف المكونات"، والذي دعا إلى صياغة دستور يضمن التعددية العرقية والدينية والثقافية وإقامة دولة لا مركزية. لكن المؤتمر السابق واجه رفضًا من بعض الأطراف الأساسية، أبرزها المجلس الوطني الكردي والعشائر العربية في شمال شرق سوريا، معتبرين أن هذه المبادرات لا تعكس طموحاتهم ولا تتوافق مع مصالحهم.


المجلس الوطني الكردي أعلن بوضوح أنه لم يتلقَ دعوات رسمية للتنسيق مع المؤتمر، مشيرًا إلى أنه لا يرى نفسه جزءًا من الإدارة الذاتية أو قوات سوريا الديمقراطية، وأن رؤيته تركز على توحيد الحقوق الكردية والتفاوض بشأنها مباشرة مع الحكومة المركزية في دمشق. بالمثل، قررت عدة عشائر عربية بارزة، مثل الجبور وشمر والبكارة والعكيدات وطي، مقاطعة المؤتمر، معتبرة أن محاولة إشراكهم تمثل محاولة لقسد لتمرير أجندتها الخاصة، وهو ما لا يتوافق مع مصالح العشائر ومواقفها المستقلة.


رغم الطموح الظاهر للمؤتمر، فإن غياب الأطراف الرئيسية يطرح تساؤلات جدية حول شرعية نتائجه وقدرته على التمثيل الفعلي لكل المكونات. فالمؤتمرات المشابهة في مناطق النزاع غالبًا ما تواجه تحديات كبيرة إذا لم تحقق توافقًا واسعًا، خاصة بين القوى الكردية والعشائر العربية التي تمثل قاعدة اجتماعية قوية.


الخطوة المقبلة لقسد ومسد ستكون حرجة، إذ يجب أن تتجاوز مجرد الاجتماعات الرمزية لتضمين أطراف أساسية في عملية صنع القرار، وإلا فإن أي نتائج قد تواجه مقاومة شعبية وسياسية، وربما تؤدي إلى مزيد من الانقسام في شمال شرق سوريا. ويبدو أن نجاح المؤتمر سيعتمد على قدرته على تقديم ضمانات حقيقية لمشاركة جميع الأطراف وإشراكهم في صياغة المبادئ الدستورية بطريقة شفافة وشاملة.


في المجمل، يسلط المؤتمر الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه شمال شرق سوريا في بناء إطار سياسي يضمن التمثيل العادل لجميع المكونات، ويعكس الصراع الطويل بين الطموحات المركزية للإدارة الذاتية ومطالب المجتمع المحلي المتنوع.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5