هل يفتح لقاء زيلينسكي وترامب أفقًا لحل الأزمة؟

2025.08.18 - 10:28
Facebook Share
طباعة

في خطوة شديدة الرمزية على الساحة الدولية، يلتقي الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي اليوم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في واشنطن، وسط توقعات بأن اللقاء لن يؤدي إلى صفقة فورية لإنهاء النزاع في أوكرانيا، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على الأطراف المعنية للحفاظ على توازن القوى في المنطقة.


وفقًا لما ذكرته صحيفة "التايمز" البريطانية، فإن لقاء زيلينسكي مع ترامب يشكل جزءًا من سلسلة مفاوضات مستمرة، حيث لا يتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق يوم الاثنين. وتوضح المصادر أن الموقف الأوكراني والأوروبي صلب فيما يتعلق بعدم فرض أي قيود على القدرات العسكرية لأوكرانيا، بما يشمل الصواريخ بعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوي، وهو ما يشير إلى تمسك كييف بسيادتها العسكرية وقدرتها على الدفاع عن أراضيها.

من جهة أخرى، أعطت تصريحات ترامب بشأن تقديم ضمانات أمنية لكييف بعض التفاؤل للاتحاد الأوروبي، لكنها تبقى مؤشرات وليست خطوات عملية ملموسة حتى اللحظة.

وفي السياق نفسه، نقلت قناة "سي إن إن" عن مصادر مطلعة أن نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس سيشارك في اللقاء، على الرغم من خلافاته السابقة مع زيلينسكي، ما يضيف بعدًا سياسيًا غير مسبوق على طاولة المفاوضات.

كما من المتوقع حضور عدد من أبرز القادة الدوليين في المشاورات الموسعة، من بينهم المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وأمين عام الناتو مارك روت، في محاولة لإضفاء بعد دولي على التوافق حول مسار الأزمة الأوكرانية.

وفي خطوة تهدف إلى ترتيب أوراق المواقف قبل الاجتماعات الجماعية، ذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية أن ترامب سيجتمع أولًا على انفراد مع زيلينسكي، ما يعكس حرص الأطراف على التفاهم المباشر قبل الدخول في مشاورات أوسع تشمل قادة أوروبا.


اللقاء يأتي في ظل توترات متصاعدة في شرق أوروبا، حيث يسعى الغرب وأوكرانيا للحفاظ على الدعم العسكري والسياسي، بينما يواجه الرئيس الأمريكي السابق ضغوطًا داخلية وإقليمية لتحديد موقفه من الحرب. وفي حال فشل اللقاء في التوصل إلى أي توافق، من المرجح أن تستمر التحديات أمام أوكرانيا في تأمين مساعداتها العسكرية، مع استمرار الجدل حول مدى التزام الأطراف الدولية بالضمانات الأمنية.

 

 


الصراع الأوكراني، الذي بدأ عام 2014 مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وتصاعد النزاعات في دونباس، شهد تحولًا كبيرًا في فبراير 2022 مع الغزو الروسي الشامل، ما دفع أوكرانيا إلى الاعتماد بشكل مكثف على الدعم العسكري والسياسي الغربي للحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها. خلال هذه الفترة، أصبحت مسألة المساعدات العسكرية الغربية، خصوصًا الأسلحة المتقدمة والصواريخ بعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوي، محور خلاف دولي رئيسي، إذ ترى كييف أنها ضرورية لصد الهجمات الروسية وتعزيز قدراتها الدفاعية، بينما تحذر بعض الدول الأوروبية من تصعيد الصراع بشكل قد يجر المنطقة إلى مواجهة أوسع مع موسكو.

الولايات المتحدة كانت الضامن الأساسي لأوكرانيا، مقدمة أسلحة متطورة، وتفرض عقوبات صارمة على روسيا، بينما يسعى الاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم المالي والسياسي والعسكري المحدود بما يتوافق مع قدراته وإمكانياته، مع الحفاظ على التوازن بين دعم كييف وتجنب التصعيد المباشر. في هذا الإطار، تعتبر أي قيود على قدرات أوكرانيا العسكرية، خصوصًا على الصواريخ بعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوي، نقطة خلاف أساسية بين كييف والدول الغربية.

مواقف الدول الأوروبية الرئيسية:

ألمانيا: رغم تقديمها دعماً محدوداً في بداية الحرب، إلا أن برلين تركز على الضغط الدبلوماسي وفرض العقوبات على روسيا، مع تأكيدها على عدم السماح بتصعيد عسكري يهدد الأمن الأوروبي. حضور المستشار فريدريش ميرتس في اللقاء يعكس رغبة ألمانيا في التأثير على القرارات المتعلقة بالأسلحة الثقيلة والدفاع الجوي.

بريطانيا: تقود لندن الجهود لدعم كييف عسكريًا وسياسيًا، بما يشمل توفير الأسلحة المتقدمة والتدريب للقوات الأوكرانية، وتحرص على بقاء الدعم الأمريكي مستمرًا ومؤثرًا.

فرنسا: تتبنى باريس سياسة متوازنة بين تقديم المساعدات العسكرية والدبلوماسية، مع الدعوة إلى الحوار ووقف التصعيد، وحضور الرئيس ماكرون يعكس أهمية دور فرنسا في المفاوضات الأوروبية.

إيطاليا وفنلندا والمفوضية الأوروبية: تركز هذه الدول والمؤسسة الأوروبية على التنسيق الجماعي لدعم أوكرانيا، وتقديم الضمانات السياسية مع مراقبة مدى التزامها بالقوانين الدولية، مع التركيز على وحدة الموقف الأوروبي أمام التحديات العسكرية والإنسانية.


اللقاء المرتقب بين زيلينسكي وترامب يكتسب أهمية خاصة في هذا السياق، إذ يمثل فرصة لتوضيح المواقف الأمريكية تجاه أوكرانيا خارج إطار إدارة بايدن، ومحاولة ترتيب الأولويات قبل أي مشاورات أوروبية أوسع، خصوصًا حول الحدود التي يمكن أن تصل إليها المساعدات العسكرية الغربية دون تصعيد مباشر مع روسيا. كما أن اللقاء يسلط الضوء على حجم الضغوط الدولية لتحقيق توازن بين الدعم العسكري الفعال لأوكرانيا والحفاظ على الأمن الإقليمي الأوروبي، في ظل تصاعد المخاطر الإنسانية والتهديدات العسكرية المباشرة.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 5