تتصاعد موجة الغضب في إسرائيل بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الجنرال أهارون حليوة، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، والتي اعترف فيها بالفشل في توقع هجوم السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل، وأثارت استياء واسعاً على الصعيدين السياسي والعسكري.
وفي تسجيلات صوتية وصور مصاحبة، دعا حليوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الاستقالة وإقامة لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات الجيش خلال الهجوم الأخير، وهو ما دفع مجموعة من القادة السياسيين إلى المطالبة باعتقاله ومحاكمته بتهمة القتل، وفق ما نقلته «القناة 11» الإسرائيلية. وقالوا إن حليوة كان من كبار المسؤولين عن الفشل الأمني، وأن تقاعسه وسلوكه داخل موقع الحراسة سمح لـ«حماس» بشن هجوم مباغت وخطير على إسرائيل.
وأشار حليوة إلى أن الجيش الإسرائيلي، مثل بقية الإسرائيليين، عاش في جو من الغطرسة والاستخفاف بالعدو، وانتقد التغيرات التي أدخلها رؤساء أركان الجيش خلال العقود الماضية على العقيدة العسكرية، واصفاً تلك التحولات بأنها أدت إلى إضعاف قدرة الجيش على مواجهة التهديدات.
كما كشف الجنرال عن موقف عدائي متطرف تجاه الفلسطينيين، حيث أشار إلى أنه في بداية الحرب كان يرى أن إسرائيل يجب أن تفرض ثمناً باهظاً على الفلسطينيين مقابل كل قتيل إسرائيلي، معتبراً أن مقتل 50 فلسطينياً مقابل كل إسرائيلي هو "رسالة للأجيال المقبلة"، بما في ذلك الأطفال. وأوضح أن هذا الموقف ليس مجرد انتقام لحظي، بل استراتيجية مستمرة لضمان ردع الفلسطينيين، وفق تعبيره.
في الوقت نفسه، هاجم حليوة الحكومة الإسرائيلية التي اعتبرت «حماس» قوة تحافظ على مصالحها في منع تعزيز السلطة الفلسطينية، ووصف تصرفات السلطة بأنها منعت إسرائيل من تحقيق أهدافها الكاملة في القطاع.
وتسبب اعترافه العلني وإطلاقه لتصريحات عنيفة تجاه الفلسطينيين في إثارة جدل واسع داخل إسرائيل، حيث انتقده بعضهم لخطابه المتغطرس والمتطرف، بينما اعتبره آخرون صريحاً في طرحه للحقائق بشأن الفشل الأمني وسياسات الرد الإسرائيلي.
ورأت وسائل إعلام إسرائيلية، مثل صحيفة «هآرتس»، أن تصريحات حليوة تكشف عن توجه نحو الإبادة الجماعية للفلسطينيين باعتبارها "عمل ضروري"، وأشارت إلى أن أقواله تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يتبنى سياسة عقابية متكررة تتضمن قتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين بشكل منهجي.
كما سلطت صحيفة «معاريف» الضوء على تساؤلات حول دوافع تسجيل هذه التصريحات ونشرها، وما إذا كان الهدف كشف واقع المؤسسات الأمنية والسياسية أو التأثير على الرأي العام، مع الإشارة إلى العلاقات الشخصية المعقدة التي تربط حليوة بأوساط المعارضة السياسية.
التصريحات أثارت حالة من الغضب والقلق داخل المجتمع الإسرائيلي، وأدت إلى مطالبات مباشرة بمحاكمته، بينما يستمر النقاش حول المسؤوليات الأمنية والسياسية للقيادات السابقة، والقدرة على محاسبة من تسببوا في الفشل الأمني الذي أتاح لـ«حماس» تنفيذ هجومها الكبير على إسرائيل.
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن إسرائيل أمام أزمة مزدوجة: أزمة ثقة داخل المؤسسة العسكرية، وأزمة أخلاقية وقانونية تتعلق بمسؤولية القادة عن عمليات القتل الجماعي والقرارات العسكرية المثيرة للجدل.