جوع غزة يكشف انتقائية الإعلام الغربي

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.17 - 04:26
Facebook Share
طباعة

الحرب الإسرائيلية على غزة أنتجت صوراً أقسى من القصف والدمار، إذ تحولت الطفولة إلى ساحة معركة مفتوحة مع الجوع والصدمة.
تقارير صحفية دولية، بينها إندبندنت البريطانية، أبرزت مشاهد مخيمات خان يونس حيث الأطفال منهكون وفاقدون للقدرة على اللعب.
الجوع سلب منهم براءة العمر، وحولهم إلى أجساد ضعيفة تحاول الصمود في وجه الحصار، هذه المأساة الإنسانية تحمل آثاراً طويلة الأمد، فجيلاً كاملاً مهدد بالحرمان من التعليم السليم وبالعيش في دوامة من الاضطرابات النفسية والفقر البنيوي.

في المقابل، سلطت الغارديان الضوء على الجانب الإعلامي للحرب، مشيرة إلى أن المواجهة الأخيرة كشفت ازدواجية المعايير لدى مؤسسات غربية طالما رفعت شعار الدفاع عن الصحافة الصحفيون الفلسطينيون، الذين أصبحوا المصدر الوحيد للمعلومة بعد منع دخول المراسلين الأجانب، وجدوا أنفسهم في مرمى الاستهداف المباشر.
اغتيال أصوات مثل أنس الشريف لم يواجه برد فعل مهني متناسب من جانب زملائهم الغربيين، بل بالصمت والتجاهل. هذا السلوك لا يُقرأ إلا كدليل على أزمة أخلاقية تهدد جوهر مهنة الصحافة في العالم الغربي.

الصحف الأميركية من جانبها ركزت على البعد السياسي والدبلوماسي، ورغم أن الاهتمام الأكبر انصب على قمة ألاسكا بين الرئيسين الأميركي والروسي، إلا أن انعكاسات الحرب في غزة بدت حاضرة في خلفية النقاشات.
استمرار الجرائم دون محاسبة يعزز شعوراً عالمياً بوجود معايير مزدوجة في التعامل مع القضايا الإنسانية، وهو ما يضعف الخطاب الغربي حين يتحدث عن أوكرانيا أو أي ساحة أخرى.

التباين بين لغة التعاطف المحدود وبعض الانتقادات الجريئة في الصحافة البريطانية، وبين الغياب شبه الكامل للمواقف المبدئية في الصحافة الأميركية، يكشف أن صورة غزة في الإعلام الغربي تعكس أكثر من مجرد سردية مهنية.
هي انعكاس لاصطفافات سياسية تحكم التغطية، وتُحدد ما إذا كان الدم المسفوك يستحق العناوين الأولى أو مجرد هوامش عابرة.

المشهد يترك أثرين متوازيين. الأول، تعميق عزلة الفلسطينيين وهم يحاولون مواجهة حرب لا تنتهي، مع انعدام الثقة في أن العالم الخارجي سيتحرك لإنقاذ أطفالهم.
الثاني، انكشاف هشاشة الإعلام الغربي الذي بنى شرعيته على مبادئ الحرية والموضوعية. استمرار هذا النهج يرسخ قناعة بأن الحقائق لا تُروى كلها، وأن حياة الأطفال في غزة أقل وزناً في ميزان الاهتمام العالمي.

الطفولة الممزقة في غزة ستظل شاهداً على حرب سلبت الأمل، وعلى إعلام سقط في امتحان المصداقية.
وفي كل يوم يمر دون تدخل إنساني فعال ودون مراجعة جذرية للخطاب الإعلامي الدولي، يترسخ جرحان متوازيان: جرح في جسد المجتمع الفلسطيني، وجرح في ضمير الصحافة العالمية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 3