يشكل ممر زنغزور طريقًا بريًا إستراتيجيًا يربط أذربيجان بإقليم نخجوان، مرورًا بإقليم زنغزور الجنوبي في أرمينيا. يهدف المشروع إلى تسهيل حركة البضائع وربط تركيا بآسيا الوسطى، ما يمنحه أبعادًا اقتصادية وجيوسياسية وأمنية تؤثر على قوى المنطقة.
يأتي هذا بعد حرب قره باغ الثانية، حيث سعت أذربيجان وتركيا لتعزيز الروابط البرية بين أنقرة وآسيا الوسطى، وهو ما أثار مخاوف إيران من تغير موازين القوى على حدودها الشمالية الغربية.
تزداد المخاوف الإيرانية مع تدخل الولايات المتحدة وإشرافها على تطوير الممر، ومنح حقوق حصرية للشركات الأميركية لمدة 99 عامًا، ما يقلل أهمية إيران في طرق النقل بين الشرق والغرب ويعزز نفوذ القوى الغربية والإسرائيلية والتركية في المنطقة.
يُنظر إلى الممر أيضًا كأداة ضغط محتملة على الداخل الإيراني، وقد يقلل من دورها في المبادرات الاقتصادية الكبرى مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية، ويضعف قدرتها على التحكم بمسارات التجارة العالمية.
ترفض إيران الممر لأسباب متعددة: ربطه تركيا بالدول الناطقة بالتركية، فتح منفذ للناتو إلى بحر قزوين، قطع الحدود البرية مع أرمينيا، تعزيز النفوذ الإسرائيلي، وإضعاف موقع طهران الجيوسياسي في التجارة والطاقة.
ويؤكد المراقبون أن الممر لا يعود على إيران بأي منفعة، بل يفرغ المنطقة من طاقاتها الجيوسياسية لصالح تركيا وإسرائيل والناتو، ويشكل تهديدًا مباشرًا لموقعها الإستراتيجي، ويغير توازن القوى في القوقاز لصالح باكو، ويعزز النفوذ الأميركي طويل الأمد في المنطقة.
إيران تنظر إلى مشروع زنغزور ليس كمجرد طريق ترانزيت، بل كتهديد شامل لموقعها الجيوسياسي، وتسعى من خلال رفضه للحفاظ على نفوذها ومنع أي تغييرات قد تقوض مصالحها الإستراتيجية في القوقاز.