إم كي ألترا.. حين تحوّل البشر لفئران تجارب

2025.08.17 - 09:36
Facebook Share
طباعة

 في عالم يقترب من كابوس رواية "1984" لجورج أورويل، قادت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) برنامجًا سريًا رهيبًا عُرف باسم "إم كي ألترا" (MK Ultra)، هدفه التحكم في العقول البشرية عبر عقاقير مهلوسة وصدمات كهربائية وتجارب نفسية لا أخلاقية. وقد كشفت سلسلة بودكاست كندية بعنوان "غسيل الدماغ" (Brain Washed) عام 2020، عن شهادات ضحايا تعرّضوا لهذه الانتهاكات التي امتدت من الولايات المتحدة إلى كندا وبريطانيا.

 

مشروع يوازي كوابيس أورويل

في رواية أورويل، تُستخدم الغرفة 101 لتعذيب السجناء حتى يقتنعوا بأن "2+2=5". وعلى غرار ذلك، سعت الـCIA إلى محو وعي البشر وإعادة برمجتهم، مستخدمةً عقاقير مثل "إل إس دي" (LSD) والتنويم المغناطيسي والحرمان الحسي.

 

الأطفال الضحايا وقبور بلا شواهد

وراء جدران "معهد آلان التذكاري" في مونتريال، لقي أطفال من السكان الأصليين حتفهم نتيجة تجارب وحشية، ودفنوا في قبور مجهولة الهوية، بعدما فشلت أجسادهم الهشة في مقاومة جرعات العقاقير والصدمات.

 

"المرشح المنشوري".. من الخيال إلى الواقع

الهوس بالتحكم في العقول تجسد أيضًا في فيلم "المرشح المنشوري" (1962)، الذي جسّد مخاوف الحرب الباردة من "غسل الدماغ" وتحويل الأسرى إلى عملاء نائمين بانتظار الأوامر.

 

سيدني غوتليب.. عرّاب السموم

كان الطبيب النفسي سيدني غوتليب هو المهندس الأول للبرنامج. استحوذ على مخزون العالم من مادة LSD ووزّعها على مستشفيات وسجون ومراكز احتجاز سرية لدراسة تأثيرها على البشر. عملت شركات كبرى مثل "إيلي ليلي" مع الاستخبارات الأميركية لتأمين هذه المادة القادرة على إحداث تغييرات عميقة في الوعي.

 

دونالد كاميرون.. الطبيب الذي محا هوية مرضاه

في كندا، قاد الطبيب الأميركي-الأسكتلندي دونالد كاميرون تجارب صادمة على مرضاه. وضعهم في غيبوبات طويلة، وعرّضهم لصدمات كهربائية أقوى بعشرات المرات من المسموح بها، وأخضعهم لرسائل صوتية متكررة حتى نصف مليون مرة، في محاولة لمحو ذاكرتهم وإعادة برمجة عقولهم. خرج المرضى محطمين، فاقدين القدرة على التذكر أو ممارسة حياتهم الطبيعية.

 

النهاية والفضيحة

بحلول 1973، أمر مدير الـCIA ريتشارد هلمز بتدمير معظم وثائق البرنامج، لكن الصحفي سيمور هيرش كشف في 1974 عن بعض أسراره. لاحقًا، فتحت لجنة الكونغرس بقيادة السيناتور فرانك تشرش تحقيقًا واسعًا، أدى إلى إصدار قرار يمنع الاستخبارات الأميركية من إجراء تجارب بشرية سرية.

خلاصة

كان مشروع "إم كي ألترا" كابوسًا حقيقيًا، حيث تحولت علوم النفس والطب من أدوات للشفاء إلى وسائل للتعذيب. ولعل السؤال الأكثر رعبًا اليوم: كم من هذه المشاريع ما زال يُدار في الظل بعيدًا عن أعين العالم؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9