وسط تهديدات متبادلة ورفع مستويات التأهب العسكري، تبدو المنطقة على أعتاب تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل، بعد أكثر من خمسين يوماً من هدنة هشّة بوساطة أمريكية. مراكز المدن الإيرانية والهياكل الدفاعية الإسرائيلية تستعد لجولة قد تكون الأخطر منذ سنوات، وسط مخاوف من أن تتحول أي شرارة صغيرة إلى مواجهة شاملة.
أفادت مصادر إيرانية بأن «الحرس الثوري الإيراني» أصدر أوامر بالاستنفار الكامل لوحداته في جميع أنحاء البلاد، مع التركيز على حماية المنشآت الحيوية ومرافق الطاقة. وتشير التقديرات إلى أن إيران تتوقع احتمال استهداف إسرائيل لمصادر الطاقة ومرافق البنية التحتية، خصوصاً بعد انتهاء مراسم «أربعينية الحسين» التي اختتمت أمس.
في الجانب الإسرائيلي، شهدت الأسابيع الأخيرة سلسلة من المناورات العسكرية للتحضير لهجوم إيراني محتمل ومباغت.
تصعيدات متتالية مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، الذي تعتبره تل أبيب تهديدًا وجوديًا مباشرًا. بعد أن كثفت طهران عمليات تخصيب اليورانيوم وتطوير منشآتها النووية بشكل غير معلن، شنت إسرائيل سلسلة ضربات استباقية على مواقع إيرانية في سوريا ولبنان يشتبه بأنها تستخدم في دعم برنامج طهران النووي أو تخزين أسلحة دقيقة.
دفع هذا التصعيد الولايات المتحدة إلى التدخل كوسيط رئيسي. فبينما حرصت واشنطن على دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، حاولت في الوقت ذاته تجنب اندلاع مواجهة واسعة قد تؤدي إلى أزمة إقليمية أكبر. شملت جهود الإدارة الأمريكية الضغط على إيران للالتزام بوقف أي نشاط نووي حساس، وفرض رقابة غير مباشرة على الوكلاء الإقليميين لطهران، مع تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة لضمان تثبيت خطوط تهدئة مؤقتة.
تأتي هذه التوترات في وقت لا تزال فيه المنطقة تعاني من تبعات صراعات سابقة، خصوصاً فيما يتعلق بالوجود الإيراني في العراق وسوريا، ودعم طهران لفصائل مسلحة في لبنان وفلسطين. إسرائيل، من جانبها، تصر على مبدأ الردع الشامل ضد أي تهديد إيراني مباشر أو غير مباشر، معتبرة أن أي هجوم على أراضيها سيقابل برد قاسٍ وفوري.
حتى الآن، اكتفت طهران بالتأكيد على استعدادها الدفاعي، ورفضت أي تصريحات استباقية قد تعتبر دعوة للحرب. في المقابل، شددت إسرائيل على حقها في الرد الفوري على أي تهديد، مع حث مواطنيها على الالتزام بخطط الدفاع المدني والاحتياطات الأمنية. كما تراقب الولايات المتحدة، التي لعبت دور الوسيط في الهدنة السابقة، تطورات المنطقة عن كثب، مع تحذيرات ضمنية لكل طرف بعدم تجاوز خطوط حمراء قد تؤدي إلى مواجهة شاملة.
مع استمرار رفع التأهب العسكري في كلا الطرفين، تبدو المنطقة على شفا صدام جديد، قد يغيّر معادلة الأمن الإقليمي. مراقبون يشيرون إلى أن أي شرارة صغيرة، سواء عبر هجوم محدود على منشآت طاقة أو عبر خطأ حسابي في العمليات العسكرية، قد تؤدي إلى مواجهة واسعة، تجعل من التهدئة السابقة مجرد ذكرى بعيدة.