في موقف غير مسبوق على المستوى الأوروبي، وصفت رئيسة وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن، نظيرها الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "مشكلة في حد ذاته"، معلنة عن رغبتها في استغلال تسلم بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لزيادة الضغط على إسرائيل بسبب السياسات الاستيطانية والوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة.
فريدريكسن، في مقابلة مع صحيفة يولاندس بوستن، قالت إن حكومة نتنياهو تجاوزت الحدود، مشيرة إلى "الوضع الإنساني المروع للغاية في غزة"، ومنددة بخطط جديدة لبناء وحدات استيطانية في الضفة الغربية. وأضافت أن الدنمارك تهدف لفرض ضغط سياسي وعقوبات على إسرائيل، بما يشمل المستوطنين والوزراء وحتى الدولة ككل، في إجراءات قد تشمل العقوبات التجارية أو قيود البحث العلمي.
وأوضحت رئيسة الوزراء أن بلادها لن تستبعد أي خيار مسبقًا، مضيفة: "وكما هو الحال مع روسيا، سنصمم العقوبات بحيث تستهدف ما نعتقد أنه سيحدث أكبر تأثير". وتأتي تصريحات فريدريكسن رغم أن الدنمارك لا تعترف رسميًا بدولة فلسطينية، ما يعطي المؤشر على تحول نوعي في النهج الأوروبي تجاه إسرائيل في ظل الأزمة الفلسطينية المتفاقمة.
من جانبه، أعلن وزير المال الإسرائيلي اليميني بتسائيل سموتريتش الأسبوع الماضي خطة لإعادة بناء مستوطنة "صانور" التي أُخلت قبل عشرين عامًا، ضمن مساعي التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، ما أثار غضبًا دوليًا واسعًا، خصوصًا في ظل استمرار الحرب في غزة.
تصريحات فريدريكسن تأتي في وقت يشهد فيه قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا متواصلًا، وسط توترات سياسية متنامية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي حول الاستيطان والتهجير القسري للفلسطينيين. وتفتح هذه المواقف الباب أمام احتمالات فرض عقوبات أوروبية قد تكون تاريخية على إسرائيل، ما يضع ضغوطًا جديدة على حكومة نتنياهو، في وقت يسعى فيه لاستكمال مشروع "إسرائيل الكبرى" الذي أثار قلقًا عربيًا ودوليًا واسعًا.
نتنياهو ورموز حكومته اليمينية المتطرفة، مثل وزير المال بتسائيل سموتريتش ووزير الدفاع، ركزوا على موازنة الضغط الأمني الداخلي مع استراتيجيات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، معتبرين أن السيطرة على الأراضي الفلسطينية جزء من ما يسمونه "إسرائيل الكبرى"، وهو مشروع سياسي يهدف إلى توسيع النفوذ الإسرائيلي في مناطق واسعة من الضفة الغربية والقدس المحتلة.
التوسع الاستيطاني والمستوطنات الجديدة
أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطط لإعادة بناء مستوطنة "صانور" التي أُخلت قبل عشرين عامًا، ضمن سياسة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة. ويأتي ذلك في وقت يتعرض فيه الفلسطينيون لضغوط متزايدة من تهجير قسري ومحاولات لتقليص سيطرتهم على الأراضي التاريخية، ما أثار انتقادات دولية وعربية واسعة.
هذا التوسع لا يقتصر على البناء الاستيطاني فقط، بل يشمل أيضًا تغييرات في البنية الإدارية والقانونية بهدف ترسيخ سيطرة الاحتلال على مناطق استراتيجية، خصوصًا قرب القدس والطرق الحيوية، وهو ما يعتبره الفلسطينيون "تصعيدًا غير مسبوق" وتهديدًا مباشرًا لوجودهم.
اتخذت دول الاتحاد الأوروبي مواقف متفاوتة تجاه سياسات إسرائيل. بعض الدول، مثل الدنمارك بقيادة ميت فريدريكسن، بدأت تشدد الضغط السياسي والدبلوماسي، داعية إلى فرض عقوبات قد تشمل قيودًا تجارية وقيودًا على التعاون العلمي. بينما تظل دول أوروبية أخرى مترددة أو تحاول الموازنة بين الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل والدعوة لاحترام القانون الدولي وحقوق الفلسطينيين.
الاتحاد الأوروبي بشكل عام عبر عن قلقه من استمرار التوسع الاستيطاني وتهجير الفلسطينيين، معتبرًا أن هذه السياسات تقوض فرص السلام وتزيد من التوترات في المنطقة. ومع ذلك، لم تصل الجهود الأوروبية حتى الآن إلى اتفاق جماعي لفرض عقوبات ملموسة، وهو ما تسعى له الدنمارك خلال رئاستها الدورية للاتحاد.
التصعيد العسكري الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 تسبب في كارثة إنسانية حقيقية في قطاع غزة، حيث استشهد أكثر من 61 ألف فلسطيني، ودمّر آلاف المنازل والمباني الأساسية، بينما يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والكهرباء والخدمات الصحية. هذا الواقع ألقى بظلاله على الموقف الأوروبي والدولي، وزاد من الضغوط على الحكومات الغربية لمحاسبة إسرائيل على ما تعتبره انتهاكات للقانون الدولي.