لبنان على شفير الفتنة.. جعجع يصف خطاب قاسم بالتهديد المباشر

2025.08.16 - 02:31
Facebook Share
طباعة

وصف رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، خطاب أمين عام حزب الله، نعيم قاسم، بأنه "تهديد مباشر للحكومة اللبنانية ولكل لبناني حر"، في موقف يعكس عمق الانقسام السياسي المتصاعد في البلاد وسط محاولات الحكومة إعادة الدولة إلى انتظامها واستعادة دورها أمام المجتمع الدولي.

وأكد جعجع في بيان السبت أن خطاب قاسم يشكل تهديدًا مباشرًا للحكومة، للأكثرية النيابية التي منحتها الثقة، وللمؤسسات الدستورية كافة، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. وأضاف: "إذا كان يَفترض أنه لم يعد في لبنان لبنانيون أحرار فهو مخطئ جدًا، وإذا كان يظن أنه يفرض هيبته غير الموجودة أصلاً على هؤلاء اللبنانيين الأحرار فهو مخطئ أيضًا".

مرحلة تأسيسية لبنانية

وصف جعجع المرحلة الحالية بأنها "مرحلة تأسيسية بامتياز"، مشددًا على أن القوات اللبنانية ستبذل كل جهدها لدعم المؤسسات الدستورية، والوقوف خلفها لضمان عدم إفشال أي محاولة لإعادة الدولة اللبنانية إلى انتظامها واستقرارها. وأضاف: "نقف جميعًا كلبنانيين أحرار خلف رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الساعين بكل ما أوتيا من وطنية واندفاع لإعادة لبنان إلى نفسه وإلى أصدقائه وإلى المجتمع الدولي".

 

من جانبه، ندد رئيس الحكومة نواف سلام بتصريحات قاسم، محذرًا من أن التلويح بالحرب الأهلية مرفوض كليًا، مشددًا على أن "لا يوجد أي حزب مخول بحمل السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية". كما أكد رفض الحكومة للتشكيك بوطنية الجيش، نافياً أي محاولات لفرض إملاءات خارجية، في رد مباشر على اتهامات حزب الله بشأن تنفيذ قرار أميركي وإسرائيلي.

ودانت شخصيات سياسية عدة، من وزراء ونواب، تصريحات قاسم، معتبرين إياها تهويلًا وابتزازًا يهدد الاستقرار الداخلي.

خطاب قاسم وتهديد "الحرب الأهلية"

وكان أمين عام حزب الله قد اتهم الحكومة بـ"تسليم لبنان لإسرائيل" عبر قرارها تجريد الحزب من سلاحه، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى "حرب أهلية وفتنة داخلية". وأكد أن الحزب لن يتخلى عن سلاحه قبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وأنه على أهبة الاستعداد للمواجهة.

 

يأتي هذا التصعيد بعد تكليف الحكومة الجيش في مطلع أغسطس بإعداد خطة لتجريد حزب الله من سلاحه بحلول نهاية العام، وسط ضغوط أميركية، وتخوف من تنفيذ إسرائيل تهديدات بشن حملة عسكرية جديدة، بعد مواجهات سابقة ألحقت ضربات كبيرة بالحزب. كما جاء بعد ساعات قليلة من مغادرة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني لبنان، إثر لقائه الرؤساء الثلاثة، في مؤشر على استمرار النفوذ الإقليمي في المشهد اللبناني.

 

تصاعد اللهجة الكلامية بين حزب القوات اللبنانية وحزب الله يعكس صعوبة الحفاظ على الاستقرار الداخلي، ويضع لبنان أمام اختبار دقيق لقدرة مؤسساته على حماية الدولة والمجتمع من أي فتنة محتملة. كما يسلط الضوء على التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه الحكومة في السيطرة على السلاح خارج مؤسسات الدولة، وضبط العلاقات الإقليمية والدولية التي تؤثر بشكل مباشر على مسار الاستقرار اللبناني.

 

وشهدت الشوارع اللبنانية منذ إعلان الحكومة في مطلع أغسطس 2025 عن قرار حصر السلاح في يد الدولة، موجة من التوترات والمواجهات الرمزية بين مؤيدي الأطراف السياسية المختلفة، ما يعكس الانقسام العميق في المشهد الداخلي وارتباطه بالقرار الأمني الحاسم.

في العاصمة بيروت وعدة مناطق أخرى، خرجت مجموعات من أنصار حزب الله للتعبير عن رفضها للقرار، معتبرين أنه يستهدف "تفكيك القوة الدفاعية للحزب وتهديد دوره الاستراتيجي"، فيما نظم أنصار حزب القوات اللبنانية والمكونات المسيحية الأخرى مظاهرات تضامنية مع الجيش والحكومة، معتبرين أن القرار خطوة ضرورية لاستعادة سيادة الدولة وفرض القانون على الجميع.

ولم تقتصر التوترات على التظاهرات، إذ سجلت اشتباكات كلامية حادة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ترافقها تحركات رمزية على الأرض، مثل رفع لافتات مؤيدة للطرفين وقطع طرق محددة لفترات قصيرة، ما أضاف أجواءً من الاحتقان على المدن والمناطق المختلطة.

وتبرز هذه التوترات على خلفية تصريحات أمين عام حزب الله، نعيم قاسم، التي هدد فيها بأن أي محاولة لتطبيق القرار قبل التوصل إلى تسوية سياسية وأمنية قد تؤدي إلى فتنة داخلية، مقابل تصريحات رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع التي اعتبرت خطاب قاسم "تهديدًا مباشرًا لكل لبناني حر وللمؤسسات الدستورية".

رئيس الحكومة نواف سلام حرص على الظهور بموقف متوازن، مشددًا على أن الجيش هو السلطة المخولة بتنفيذ القرار، وأن أي جهة لا تلتزم بالقانون ستواجه الإجراءات الرسمية، في محاولة لتهدئة الشارع واحتواء أي انفجار أمني محتمل.

وتعكس هذه الأحداث مدى صعوبة فرض القرار على أرض الواقع، حيث يتقاطع القانون، السياسة، والمناطقية الطائفية في لبنان، مما يجعل أي تحرك عملي لتجريد السلاح خارج الدولة مسألة حساسة للغاية. وفي الوقت نفسه، يظهر الشارع كمساحة اختبار حقيقي لقدرة الحكومة على ضبط الانقسام، وقياس مستوى الالتزام الشعبي والمؤسساتي بالقانون والدستور.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 2