وسط أجواء سياسية متوترة في لبنان، يفتح ملف سلاح حزب الله وتسويغ دوره في الحكومة الباب أمام تساؤلات أساسية حول قدرة الدولة على فرض سيادتها وبناء مؤسساتها. تصريحات وزير العدل اللبناني، عادل نصار، أعادت النقاش إلى صلب الأزمة: هل يمكن لحزب مسلح أن يشارك في الحكومة ويؤثر في القرار السياسي، بينما يحتفظ بسلاح خارج إطار الدولة؟ هذه المقاربة تضع لبنان أمام اختبار حقيقي للاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، وتسلط الضوء على التحديات التي تواجه بناء الدولة في ظل وجود ميليشيات قوية تمتلك نفوذًا سياسياً وميدانياً في آن واحد.
مواقف الأطراف السياسية
عادل نصار – مؤيد للولايات المتحدة وحصر السلاح بالدولة:
أكد نصار أن حزب الله ليس له الحق في فرض رؤيته على الحكومة أو تعطيل عملها، مشيرًا إلى تناقض الحزب بين مشاركته في الحكومة ومعارضته لحصر السلاح بيد الدولة.
من وجهة نظره، حصر السلاح بالدولة شرط أساسي لبناء مؤسسات قوية ومستقرة، وأن استمرار الحزب في الاحتفاظ بسلاحه لن يخلق توازنًا في مواجهة التهديدات الخارجية، مستشهداً بمزارع شبعا كمثال على المعادلة غير المتكافئة.
كما شدد على ضرورة عودة الحزب إلى موقف الشريك في بناء الدولة، مؤكدًا أن أي صدام مع الجيش اللبناني سيكون مسؤولية الحزب وحده.
تمارا الزين – الحذر من الانزلاق تحت نفوذ إسرائيل:
على الجانب الآخر، الوزيرة تمارا الزين، المنتمية إلى حزب الكتائب المسيحي اليميني، أعربت عن تحفظها على ورقة المبعوث الأمريكي توماس باراك، معتبرةً أن مناقشتها قبل الاطلاع الكامل عليها تهدد أمن لبنان وتجعل الدولة أسيرة لدى إسرائيل.
وركزت الزين على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار أولاً قبل أي نقاش سياسي، مؤكدًة أهمية الحفاظ على وحدة القرار الوطني والحرص على استقلالية لبنان عن الضغوط الخارجية.
الطرف المؤيد للسيادة القوية (نصار): يرى أن فرض القانون وسيطرة الدولة على السلاح هو الطريق الوحيد لبناء مؤسسات مستقرة. موقفه يعكس رؤية مؤسساتية واضحة، لكنه محفوف بالمخاطر في حال لم يلتزم حزب الله، حيث قد يؤدي أي ضغط أحادي إلى تصعيد داخلي.
الطرف الحذر من التدخلات الخارجية (الزين): يرى أن أي خطوة لإخضاع حزب الله أو قبول تسويات خارجية قبل ضمان الأمن الداخلي قد تؤدي إلى اختلال التوازن السياسي والطائفي. موقفها يعكس اهتمامًا بالحفاظ على الاستقرار الداخلي ومنع لبنان من الانزلاق تحت نفوذ إقليمي أو خارجي.
تصريحات نصار والزين تمثل التحديات الأساسية التي تواجه بناء الدولة اللبنانية: المعادلة بين فرض سيادة الدولة والحفاظ على التوازن الداخلي. استمرار وجود حزب مسلح داخل الحكومة وخارج سيطرة الدولة يضع لبنان أمام معضلة استراتيجية معقدة تتطلب حلولًا بعيدة المدى، تشمل تعزيز المؤسسات الرسمية، ضمان حقوق المواطنين، والحفاظ على الاستقرار الداخلي مع تقليص تأثير القوى غير الرسمية على صنع القرار السياسي.