تتجه الأنظار اليوم إلى ولاية ألاسكا، حيث سيعقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب قمة مرتقبة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه يحمل "كل الخيارات على الطاولة"، بما في ذلك انسحاب ترمب من اللقاء إذا لم يبدُ بوتين جاداً بشأن اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
تصريحات ترمب وتحذيرات مسؤوليه تعكس مستوى الترقب والضغط السياسي الذي يحيط بالقمة، وما تحمله من احتمالات متباينة بين نجاح دبلوماسي أو فشل محتمل.
البيت الأبيض أبدى "تفاؤلاً حذراً" حيال الاجتماع، مؤكداً على أهمية وجود ترمب شخصياً في الغرفة لتقييم موقف بوتين النفسي والسياسي تجاه وقف إطلاق النار، وهو ما يعكس إدراك الإدارة الأميركية أن القمة ليست مجرد توقيع على اتفاقيات، بل اختبار حقيقي لمرونة واستعداد القيادة الروسية للتفاوض. تصريحات ترمب السابقة أشارت إلى أن الاجتماع إذا كان جيداً فقد يؤدي إلى سلام قريب، أما إذا كان سيئاً فسينتهي سريعاً، في إشارة واضحة إلى أن الرهانات عالية وأن أي إخفاق قد يحمل تداعيات سياسية كبيرة داخلياً وخارجياً.
الوفد الأميركي المرافق للرئيس يضم 16 مسؤولاً، أبرزهم وزير الخارجية ماركو روبيو، والخزانة سكوت بيسينت، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتلكيف، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز.
اللافت في الوفد هو غياب وزير الدفاع بيت هيجسيث، في حين يحضر نظيره الروسي أندريه بيلوسوف، ما قد يترك انطباعاً بأن القمة ستركز على البعد الدبلوماسي والسياسي أكثر من البعد العسكري.
الهيكل الزمني للقمة يعكس الطابع الحرج للاجتماع، حيث ستُفتتح بمحادثة ثنائية مغلقة يشارك فيها الزعيمان والمترجمون فقط، قبل أن تترتب اللقاءات الرسمية الأخرى، ومن المتوقع أن يكون هناك مؤتمر صحافي مشترك إذا سمحت التطورات، وفق ما ذكرته شبكة CNN. هذه البنية تعكس رغبة الطرفين في التحكم بالرسائل الإعلامية وحصر التفاصيل الدقيقة في نطاق محدود لضمان تفاهم أولي قبل الانفتاح الإعلامي.
القمة تمثل اختباراً مزدوجاً: الأول هو قدرة القيادة الأميركية على ممارسة الضغط الدبلوماسي على بوتين لإحراز تقدم ملموس في ملف أوكرانيا، والثاني هو قدرة روسيا على استغلال اللقاء لتثبيت موقعها الاستراتيجي وإظهار استعدادها لتقديم تنازلات محسوبة دون الإخلال بموقعها الدولي.
في هذا الإطار، يمكن اعتبار التصريحات المتضاربة لترامب حول الاجتماع—بين التفاؤل والتحذير من الفشل—أداة ضغط استراتيجية تمهيدية لتسوية سريعة أو على الأقل لتقييم موقف الطرف الروسي بدقة.
القمة في ألاسكا قد تُعيد رسم خرائط النفوذ الدولي في النزاع الأوكراني، إذ أن أي اتفاق محتمل، حتى لو كان مؤقتاً، سيكون له انعكاسات مباشرة على العلاقات الأوروبية والأميركية-الروسية، وعلى مسار الوساطات الدبلوماسية الأخرى، بما في ذلك مستقبل الجهود الدولية لوقف التصعيد العسكري وتأمين مسار سياسي مستدام في أوكرانيا.
رهانات القمة عالية، ونتائجها ستحدد مدى جدية الأطراف في السعي نحو السلام أو استمرار المواجهة.