أوروبا ومصر تحيكان خريطة إعادة إعمار غزة

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.15 - 06:43
Facebook Share
طباعة

في ظل التصعيد الأخير لقطاع غزة والتوترات المتصاعدة في الضفة الغربية، كشف اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، عن تحركات دبلوماسية مكثفة لم تُعلن بالكامل للرأي العام.
الاتحاد الأوروبي أعرب عن تطلعه للمشاركة في مؤتمر إعادة إعمار غزة، في خطوة تعكس سعيه لتعزيز حضوره السياسي والإنساني في الملف الفلسطيني، بعد سنوات من الدور المحدود في المنطقة.

الجانب المصري، من جانبه، يؤكد على مركزية دوره كوسيط رئيسي بين الأطراف المتصارعة، مستغلاً خبرته السابقة في التهدئة والتنسيق الدولي لضمان وصول المساعدات الإنسانية دون معوقات.
الاتصال الهاتفي بين عبد العاطي وكالاس لم يقتصر على الإعلان عن المشاركة في مؤتمر الإعمار، بل تناول شبكة أوسع من الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النار، بما يشمل التعاون مع قطر والولايات المتحدة لاحتواء التصعيد وإطلاق صفقة شاملة تشمل المساعدات وإطلاق الرهائن والأسرى الفلسطينيين.

التحركات تشير إلى أن مصر تسعى لاستثمار الجهود الإنسانية في غزة كورقة ضغط دبلوماسي، خصوصاً في مواجهة التصريحات الإسرائيلية حول "إسرائيل الكبرى" والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. موقف القاهرة حازم وواضح: أي مسعى لترسيخ الاحتلال أو تهويد الأراضي الفلسطينية لن يُسمح به، كما أكد الوزير عبد العاطي خلال اتصالاته مع كايا كالاس ونظيره الفرنسي جان نويل بارو.

الجانب الأوروبي يبدو مهتمًا ليس فقط بالمساعدات، بل بتثبيت دور سياسي طويل الأمد، عبر المشاركة في مؤتمر إعادة الإعمار وممارسة ضغوط دولية على إسرائيل لضمان تنفيذ اتفاقيات التهدئة. تصريحات فرنسا برغبتها في الاعتراف بالدولة الفلسطينية وفق حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعزز من هذا التوجه، وتضع إعادة إعمار غزة في سياق سياسي أوسع يربط بين الدعم الإنساني والحل السياسي الشامل.

في الوقت نفسه، القاهرة تستخدم مؤتمرات إعادة الإعمار كمنصة لتعزيز نفوذها الإقليمي، عبر التنسيق مع الأمم المتحدة والدول الأوروبية.
هذا المسار يعكس استراتيجية مزدوجة: أولاً وقف التدهور الإنساني، وثانياً إعادة ترتيب المشهد السياسي بما يضمن استقرار القطاع وتحقيق ضغط دولي على إسرائيل.

وتشير الخلفيات الأمنية إلى أن الملف النووي الإيراني كان أحد نقاط النقاش خلال الاتصالات، ما يعكس حرص مصر وأوروبا على ربط الملفات الإقليمية الكبرى لتجنب أي تصعيد عسكري واسع النطاق قد يفاقم الأزمة في غزة. بالتالي، يمكن القول إن التحركات الدبلوماسية الحالية تمثل شبكة من التفاهمات الدولية والإقليمية، تهدف إلى حماية المدنيين، واستثمار إعادة الإعمار كوسيلة لتحقيق تأثير سياسي أوسع.

السيناريو الأقرب للتطبيق، وفق المعطيات الحالية، هو عقد مؤتمر إعادة الإعمار فور التوصل لوقف إطلاق النار، مع ضغوط مستمرة على إسرائيل لضمان وصول المساعدات الإنسانية، وربط كل خطوة سياسية بمبادرات دولية لحماية حقوق الفلسطينيين وإعادة الاستقرار الإقليمي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 8