الصدر يحذر من عسكرة المراقد العراقية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.15 - 05:01
Facebook Share
طباعة

وسط جدل واسع في العراق، عبّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن رفضه لما وصفه بـ«عسكرة المراقد»، بعد انتشار مقاطع مصورة لزائرين يؤدون حركات تحاكي سقوط صواريخ خلال الزيارة الأربعينية في كربلاء والنجف. هذه المشاهد أثارت قلقًا كبيرًا في الأوساط السياسية والاجتماعية، إذ يرى الصدر أن تحويل الرموز الدينية إلى ساحات للنزاع السياسي أو العسكري يهدد التوازن المجتمعي ويضع العراق في مواجهة صراعات إقليمية لا طائل منها.

الزيارة الأربعينية، التي تجمع ملايين الزائرين سنوياً لإحياء ذكرى الإمام الحسين، تعد من أبرز المناسبات الدينية في العراق.
تحولت هذه المناسبة عبر السنوات إلى حدث له بعد سياسي ودبلوماسي، حيث يشارك مسؤولون محليون وإقليميون، وتصبح المراقد نقاط التقاء للرموز الدينية والسلطوية، ما يجعلها حساسة لأي استغلال سياسي أو عسكري.

الظهور الإيراني المزدوج:

تزامن موقف الصدر مع زيارة مفاجئة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى النجف وكربلاء، بعد يوم واحد من زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني. هذا التواجد العلني لمسؤولين إيرانيين لم يكن مألوفًا في السنوات الماضية، وأثار التساؤلات حول أهداف إيران من هذه الخطوات، خاصة في ظل سعي الحكومة العراقية لترميم علاقاتها مع واشنطن بعد توتر مستمر بشأن قانون «الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة.

البعض اعتبر أن هذه التحركات تهدف لتأكيد النفوذ الإيراني في المشهد العراقي، بينما يرى آخرون أن زيارة لاريجاني كانت مجدولة مسبقًا لأغراض إدارية تتعلق بالاتفاقيات الحدودية بين العراق وإيران، ولا ترتبط مباشرة بالموقف الأميركي من قانون «الحشد الشعبي».

التوتر مع واشنطن والقوى المحلية:

التوتر بين بغداد وواشنطن بشأن قانون «الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة ليس جديدًا. مصادر أمنية أكدت أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اتخذ خطوات حازمة مؤخرًا لمواجهة الفصائل المسلحة، إذ حمّل «كتائب حزب الله» مسؤولية أحداث منطقة الدورة جنوب بغداد، مؤكدًا أن موقف الحكومة العراقية واضح في ضبط أي تجاوزات.

وزارة الخارجية الأميركية بدورها أكدت دعم سيادة العراق ورفض أي دور للميليشيات المدعومة من إيران، معتبرة أن أي تدخل من هذه الميليشيات يسعى لتحقيق مصالح خبيثة على حساب الاستقرار الوطني، وهو ما يعكس الصراع الإقليمي الممتد على الأرض العراقية.

موقف الصدر: حماية الرموز الدينية:

مقتدى الصدر، عبر رسالة بخط يده، شدد على أن «عسكرة المراقد ممنوعة»، في موقف يوضح حرص التيار الصدري على عدم الانجرار وراء الفصائل المسلحة أو أي مواجهة بين العراق وإيران قد تُستغل خلالها الرموز الدينية. هذا الموقف يتسق مع مواقفه السابقة التي دأب فيها على رفض إدخال العراق في صراعات إقليمية وتحذيره من الانصياع للأصوات الفردية أو الفصائلية التي قد تستغل الرموز الدينية لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية.


ترند الصواريخ وتأثيره على الرأي العام:

المشاهد المصورة داخل مرقد الإمام الحسين أظهرت رموزًا لصواريخ، ما فسره بعض المحللين كرسائل عن القوة العسكرية الإيرانية بعد الحرب التي دارت بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي. هذه الرموز وسلوك الزائرين الذي أضحى يعرف بـ«ترند الصواريخ» أثارا الجدل حول تحويل رموز دينية إلى أداة إعلامية ورسائل عسكرية، وهو ما تراقبه الحكومة العراقية عن كثب لتجنب أي تصعيد داخلي أو انقسامات اجتماعية.


خلفية الصراعات السياسية والدينية:

منذ سقوط نظام صدام حسين، أصبحت المراقد في العراق ليست مجرد أماكن للزيارة الدينية، بل ساحة للصراع السياسي والإقليمي بين الفصائل العراقية وإيران والولايات المتحدة. التيار الصدري، الذي يتمتع بقاعدة شعبية واسعة، يحاول الحفاظ على الرمزية الدينية للمراقد بعيدًا عن الاستغلال السياسي أو العسكري، بينما تستخدم فصائل مسلحة مدعومة من إيران هذه الرموز لإظهار النفوذ والقدرة على التأثير في السياسة المحلية والإقليمية.

جدل «عسكرة المراقد» يكشف عن صراعات معقدة بين الفصائل العراقية وإيران والولايات المتحدة، فيما يحاول التيار الصدري حماية الرموز الدينية من الاستغلال السياسي والعسكري. التحركات الإيرانية المزدوجة، جنبًا إلى جنب مع انتشار مقاطع «ترند الصواريخ»، تجعل من المراقد نقاطًا حساسة على خريطة النفوذ، وتعكس أهمية الدور الصدري في الحفاظ على التوازن بين السيادة الوطنية والرمزية الدينية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4