مخاطر الغاز تهدد سكان صنعاء وإب

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.15 - 04:19
Facebook Share
طباعة

أزقة مكتظة بالبيوت، وعلى مقربة من المدارس والمستشفيات، تتناثر محطات غاز حديثة البناء، لا تحيط بها أسوار حماية ولا تتوفر فيها أنظمة إطفاء.
تبدو للوهلة الأولى كأي منشأة خدمية، لكنها في نظر السكان "قنابل موقوتة" يمكن أن تتحول في أي لحظة إلى مأساة. هذه الظاهرة، التي تتسع رقعتها في صنعاء وإب تحت حكم الحوثيين، لم تعد مجرد قضية خدماتية، بل تحولت إلى أزمة أمنية ومعيشية تهدد حياة آلاف الأسر.

تراخيص بلا رقابة:

مصادر محلية تؤكد أن قيادات حوثية، عبر إدارة شركة الغاز في صنعاء، منحت تراخيص لإنشاء محطات تعبئة غاز وسط أحياء سكنية مكتظة، مثل حي السنينة بمديرية معين في العاصمة، ومنطقة السبل في إب، دون مراعاة لشروط السلامة التي تفرض عادة أن تكون هذه المنشآت في مناطق غير مأهولة.
ولم تتوقف التراخيص عند هاتين المنطقتين؛ فقد منحت الجماعة تراخيص لفتح محطات أخرى في حي البليلي وسط صنعاء، وأحياء الشعاب بمركز محافظة إب، والصيارف في منطقة القاعدة التابعة لمديرية ذي السفال.

بعض هذه المحطات لا يبتعد سوى أمتار قليلة عن منازل الأهالي أو مؤسسات تعليمية وطبية، ما يضاعف المخاطر في حال وقوع أي تسرب أو انفجار.

غضب الأهالي وصمت السلطات:

السكان لم يقفوا مكتوفي الأيدي، فقد نظموا حملات توقيع على عرائض احتجاجية تطالب بإزالة المحطات أو نقلها إلى خارج المدن، بحسب إفادات وكالة الشرق الأوسط، محمد، أحد سكان حي السنينة، يقول: "نشعر أننا نعيش فوق برميل بارود. لا نعرف متى ينفجر، لكننا نعرف أن الخطر يزداد كل يوم".

انتشار مقلق بلا معايير
ما يزيد القلق أن هذه المحطات لا تُنشأ وفق أي معايير دولية للسلامة. الدفاع المدني عادة يفرض أن تكون محطات الغاز على مسافات آمنة من التجمعات السكنية، وأن تُجهز بأنظمة إطفاء متكاملة وأجهزة استشعار للتسرب، إضافة إلى أسوار حماية.

لكن في صنعاء وإب، المشهد مختلف: محطات محاطة بمحلات تجارية، أطفال يلعبون قرب الخزانات، وأنابيب مكشوفة، وعمال بلا تدريب كافٍ على إجراءات الطوارئ.


التربح أولًا... السلامة لاحقًا:

مصادر اقتصادية تشير إلى أن هذه التراخيص تُمنح مقابل مبالغ مالية ضخمة يدفعها المستثمرون الموالون للجماعة. هذه الأموال تذهب لتمويل أنشطة الحوثيين، فيما تُترك مسؤولية السلامة للأهالي الذين يجدون أنفسهم في مواجهة الخطر.
إحصائيات غير رسمية تتحدث عن مئات التراخيص الجديدة منذ مطلع العام الحالي، معظمها في صنعاء وإب، ما رفع عدد المحطات في العاصمة وحدها إلى أكثر من ألف محطة، وفق اعترافات مسؤولين حوثيين.

شهادات من قلب الخطر:

أحد سكان شارع الستين الغربي، يروي قصته: "كنا نسكن في شقة مطلة على الشارع، قبل شهر بدأ تاجر موالٍ للحوثيين بناء محطة غاز على بعد أمتار من منزلنا. لم أستطع أن أضع حياة أولادي في خطر، فانتقلنا فورًا إلى منطقة أخرى".
قصته ليست استثناءً؛ بل تتكرر في أحياء عديدة، حيث اختار بعض السكان الهجرة الداخلية إلى أحياء أقل خطورة، في حين لا يملك آخرون ترف الانتقال بسبب ظروفهم المادية.


المفارقة: اعتراف بالخطر:

المثير أن الحوثيين أنفسهم أقروا بحدوث مئات الحوادث، بعضها في محطات غاز، خلال السنوات الأخيرة. علي راصع، المعيّن من الحوثيين رئيسًا لمصلحة الدفاع المدني، انتقد علنًا "الإجراءات العشوائية" لمنح التراخيص، مؤكّدًا أن الهدف الأساسي هو جني الأرباح، حتى على حساب الأرواح.
إحصائيات الدفاع المدني تشير إلى تسجيل 278 حادثة حريق في صنعاء ومدن أخرى خلال فترة قصيرة، بينها انفجارات في محطات غاز، خلّفت ضحايا وخسائر كبيرة.

كارثة محتملة:
خبراء السلامة يحذرون من أن أي انفجار في محطة غاز وسط حي مكتظ قد يخرج عن السيطرة خلال دقائق، خاصة في ظل غياب تجهيزات الإطفاء السريعة، وضيق الشوارع الذي يعيق وصول فرق الإنقاذ. هذه السيناريوهات ليست نظرية فقط، فقد شهدت اليمن حوادث انفجار مدمرة في السنوات الماضية، بعضها أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص وتدمير مبانٍ سكنية كاملة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10