لبنان على شفير الفتنة: تصريحات نعيم قاسم تلهب الأوضاع السياسية

بيروت – وكالة أنباء آسيا

2025.08.15 - 12:44
Facebook Share
طباعة

في تصريحات صادمة، أعاد الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، إشعال الجدل السياسي الداخلي بتحذيره من أن أي محاولة لتجريد الحزب من سلاحه قد تقود البلاد نحو "فتنة أهلية"، في رسالة توحي بأن لبنان برمته معرض للانفجار. هذه التصريحات أثارت ردود فعل واسعة في أوساط القوى السياسية اللبنانية، وأعادت إلى الواجهة صراعًا عميق الجذور بين الدولة ومجموعات مسلحة خارج إطار المؤسسات الرسمية.

 

النائب جورج عقيص عن حزب "القوات اللبنانية" رفض التهويل الذي مارسه قاسم، موضحًا أن الأمر يتعلق بـ"أمن الجميع" وأنه لا يمكن اتخاذ قرارات تمس كافة اللبنانيين دون التشاور معهم، محذرًا من فرض أي معتقد بالإكراه. وأكد عقيص أن الحكومة كلفت الجيش بوضع الخطط اللازمة لتنفيذ قرار وقف إطلاق النار الذي بدأ التفاوض بشأنه منذ نوفمبر 2024 بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، قبل أن تنتقل إلى حكومة نجيب ميقاتي التي وافقت عليه بكامل أعضائها، بما في ذلك وزراء "حزب الله" و"أمل".

بدوره، وجه النائب أشرف ريفي تحذيرًا صارمًا لحزب الله، مؤكّدًا أن أي تهديد بالحرب الأهلية سيكون "كارثة على الجميع، وخاصة على الحزب نفسه بعد استعادة علاقاته مع كافة المكونات اللبنانية"، مشددًا على أن "الحل الوحيد يكمن في الدولة فقط".

وزير العدل اللبناني، عادل نصار، أضاف أن التهديد بتدمير لبنان دفاعًا عن سلاح الحزب يضع حدا لمقولة إن "السلاح هو للدفاع عن لبنان"، معبّرًا عن القلق من أن استمرار هذا الخطاب قد يقوض الأسس الدستورية والأمنية للبلاد.

 

لطالما شكل سلاح حزب الله أحد أبرز الملفات الحساسة في لبنان، إذ يعتبر الحزب أن وجوده العسكري ضرورة دفاعية، في حين ترى الدولة اللبنانية ومعظم القوى السياسية أن هذا السلاح خارج إطار الدولة ويهدد توازن السلطة الوطنية. يعود التوتر إلى اتفاقيات سابقة نصت على دور الجيش اللبناني في ضبط الأمن وفرض السلم الأهلي، إلا أن وجود ميليشيات مسلحة متعددة خارج الدولة كان دائمًا نقطة خلاف رئيسية.

في نوفمبر 2024، تم التوصل إلى اتفاق غير معلن رسميًا بين رئيس مجلس النواب وقيادات الجيش والحكومة لتحديد آلية وقف إطلاق النار وضمان عدم تحول الصراعات الداخلية إلى حرب أهلية. ومع ذلك، استمر الحزب في الاحتفاظ بترسانته المسلحة، ما أثار مخاوف كبيرة من انزلاق البلاد إلى دائرة العنف.

 

تصريحات قاسم ليست مجرد موقف سياسي، بل تنطوي على رسالة ضمنية بأن أي تحرك لتقييد سلاح حزب الله قد يثير صراعًا داخليًا يهدد استقرار الدولة. من جهة أخرى، يركز الجيش اللبناني على تعزيز قدراته الدفاعية وحماية التوازن الداخلي، ما يعكس حساسيات استثنائية في بلد يعاني من تاريخ طويل من النزاعات الأهلية.

المشهد الراهن يضع لبنان أمام مفترق خطير: إما أن تفرض الدولة هيبتها على الجميع، أو أن يستمر الوضع على ما هو عليه، مع احتمالات تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية إلى حد الانفجار.

 

خريطة القوى والصراع على السلاح

توزيع القوى العسكرية والسياسية

1. الجيش اللبناني

القوة الوحيدة الرسمية المكلفة بحماية الدولة، مع مهام تنفيذية واضحة بموجب اتفاقات نوفمبر 2024.

يعتمد على تدريب داخلي ومساعدات خارجية محدودة لضبط الأمن ومنع أي تصعيد.

 

2. حزب الله

يحتفظ بترسانة عسكرية متقدمة، بما في ذلك صواريخ دقيقة ومعدات قتالية ثقيلة.

يسيطر على مناطق نفوذ في جنوب لبنان وبيروت الجنوبية ووادي البقاع، ويعتبر نفسه حاميًا للمقاومة، بينما يرفض تسليم سلاحه للدولة.


3. الأحزاب اللبنانية الأخرى (القوات، المستقبل، أمل وغيرها)

تركيزها على دعم الدولة وفرض القانون.

تتحرك سياسياً لإبراز شرعية الدولة وتقليل نفوذ الميليشيات المسلحة.

 

تأثير التصريحات والتحركات على الأمن الداخلي

تصريحات قاسم الأخيرة: رفع مستوى التهديدات بشكل مباشر، ما يضع لبنان أمام احتمالات تصعيد محتملة.

الردود الرسمية (عقيص، ريفي، نصار): محاولة إعادة التوازن بين الحفاظ على سلطة الدولة وتهدئة الأوضاع، مع التأكيد على دور الجيش كحامي للبنان.

المستقبل السياسي: أي مساس بسلاح حزب الله قد يؤدي إلى أزمة ثقة بين المكونات اللبنانية، مما يزيد احتمالات الفتنة.

 

استمرار الوضع الراهن يخلق ثنائية خطيرة:

من جهة، الجيش يمثل الدولة ويملك القدرة على ضبط الأمن، لكنه محدود في مواجهة ميليشيات مسلحة محلية قوية.

من جهة أخرى، حزب الله يملك القدرة على التأثير العسكري والسياسي، ما يجعل أي محاولة لتقييد سلاحه محفوفة بالمخاطر.


الحلول الممكنة تتطلب توازنًا دقيقًا بين الردع السياسي والأمني، مع تعزيز سلطة الدولة عبر إجراءات واضحة، ودعم دولي وإقليمي لضمان عدم انزلاق الوضع إلى صراع داخلي واسع.

 


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2