في موقف أعاد تسليط الضوء على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أكد الأمير تركي الفيصل، الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية، رفض المملكة القاطع لأي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل في الوقت الحالي، واصفاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "مختل عقلياً يرتكب إبادة جماعية". تصريحات الفيصل جاءت خلال مقابلة حصرية مع الإعلامية كريستيان أمانبور على شبكة "CNN"، وسط تصاعد التوترات في غزة والضفة الغربية.
رؤية "إسرائيل الكبرى" التي يروج لها نتنياهو أثارت جدلاً واسعاً في المنطقة والعالم، حيث تتضمن الخرائط الإسرائيلية الحديثة طموحات توسعية تصل من النيل إلى الفرات، مما يشكل تهديداً للأراضي العربية والجغرافيا السياسية الإقليمية. في المقابل، تواصل السعودية منذ سنوات العمل على مبادرات السلام العربية التي تؤكد على تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، وإنهاء الأعمال العدائية عبر مسارات دبلوماسية متعددة، بما في ذلك الخطة الفرنسية-السعودية لإعادة الإعمار في غزة.
المملكة ترى أن السلام لن يتحقق عبر التطبيع مع حكومة إسرائيلية مهووسة بالاحتلال، بل من خلال إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية، وإقرار دولة فلسطينية على حدود عام 1967، بما يضمن حقوق الفلسطينيين ويحد من التوسع الإسرائيلي.
تعليقاً على إمكانية التطبيع مع إسرائيل:
قال:"كيف يمكن لأحد أن يتوقع من المملكة العربية السعودية التطبيع مع مجرم كهذا أو مختل إبادة جماعية؟ لا سبيل لأن تقوم المملكة بالتطبيع مع إسرائيل في الوضع الحالي".
حول مبادرة السلام العربية والخطة السعودية-الفرنسية:
" أكد أن المملكة العربية السعودية هي من قدمت مبادرة السلام العربية وهي مطروحة على الطاولة، ومؤخرا كما ذكرت سابقا، طرحت المملكة وفرنسا ودول أخرى على الطاولة خطة لإنهاء القتال في غزة والمضي قدما لإنهاء الأعمال العدائية بين إسرائيل وجيرانها".
وأضاف: "هناك تاريخ طويل وسجل لأعمال السعودية صوب السلام، التطبيع لن يأتي قبل أي من ذلك، كما تعلمين مبادرة السلام العربية مبنية على قرارات مجلس الأمن الدولي ويجب أن يسود القانون الدولي في هذه القضايا وليس أن يتم التخلي عنه ببساطة وعرض مكافأة هنا لقاتل مختل مثل السيد نتنياهو".
حول الحكم المستقبلي لغزة وخطة السلطة الفلسطينية:
" قال انظري فقط إلى الاقتراح الذي قدمته فرنسا والسعودية. هناك برنامج محدد لإنشاء سلطة حاكمة في غزة، تُمكّن السلطة الفلسطينية من تقديم جميع خدمات الحكومة، والعودة إلى الحياة المدنية وإعادة الإعمار، ومنح الناس الأمل في المستقبل. كل هذا موجود في الخطة السعودية الفرنسية".
وأكد: "لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة. لقد تم اختراع العجلة لتحقيق السلام في فلسطين من خلال مبادرة السلام العربية، والآن مع إنهاء الصراع في غزة من خلال الخطة الفرنسية السعودية. لذلك لا أرى أي مشكلة في تطبيق هذه الأفكار".
وأضاف تعليقاً على تصريحات نتنياهو: "ينظر السيد نتنياهو إلى إسرائيل من النهر إلى النهر، من النيل إلى الفرات، فما الذي سيسعى إليه؟ هل هو ما اقترحته أنتِ (التطبيع)؟ أم أنه سيسعى لاحتلال أراضي سعودية وسورية ولبنانية وعراقية إلى جانب فلسطين ومصر؟ هو هذا النوع من الأشخاص".
حول الرأي العام الأمريكي والدعم الدولي لإسرائيل:
" يقول، لا أعرف إذا كان قتل الكثير من الناس يعني أن الأمور تسير على ما يرام من وجهة نظره. إذا كان هذا هو معيار النجاح، فلا أعرف ما هو معيار الفشل. سياسته هي ما وضعنا في هذا الوضع الآن. انظروا إلى الوضع الآن، أكثر من 100 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب في أكتوبر إما قُتلوا أو شُوهوا أو جُرحوا. شُرد الملايين من ديارهم. دُمر كل شيء. هل هذه قصة نجاح؟ على العكس، أعتقد أنها نتيجة وخيمة لهذا الشخص المهووس الذي يهتم فقط بمنصبه ومسألة عدم سجنه".
حول الاعتراف بدولة فلسطينية وأثره على إسرائيل:
"لفت إلي أن الاعتراف بدولة فلسطينية يُظهر عزلة الولايات المتحدة وإسرائيل في العالم، ومن خلال الاعتراف بدولة فلسطينية، بحدود عام 67 كما اقترحها قرارا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 242 و338، سيكون هناك تعريف لما لا يمكن لإسرائيل فعله في الضفة الغربية، على سبيل المثال، وغزة. وهذا سيجبر الأوروبيين على اتخاذ إجراءات أكثر تحديدًا ضد ما تفعله إسرائيل".
تفاعل مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي مع تصريحات الأمير، وكتب أحدهم: "كلام الأمير تركي الفيصل يبرد القلب في المختل عقليا نتنياهو"، وأضاف آخر: "كلام صاحب السمو الملكي تركي الفيصل عين الصواب الله يديم عز القيادة".
تعكس تصريحات الأمير تركي الفيصل موقفاً عربياً راسخاً من التطبيع مع إسرائيل، وتعيد طرح ملف "إسرائيل الكبرى" على الساحة السياسية، مؤكداً أن الحل السياسي يجب أن يقوم على أساس مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، بعيداً عن المكافآت أو التنازلات الفردية، مع التركيز على إعادة إعمار غزة وبناء مؤسسات فلسطينية قوية.