تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة حول ارتباطه بـ"رؤية إسرائيل الكبرى" لم تمر مرور الكرام في طهران. فبالنسبة لإيران، ليست هذه مجرد كلمات عابرة، بل إعلان استراتيجي يكشف جوهر المشروع الصهيوني القائم على التوسع الإقليمي، وهو ما تعتبره طهران تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي والإسلامي، وخطرًا على وحدة أراضي دول الجوار من مصر والأردن إلى سوريا ولبنان.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، وصف تصريحات نتنياهو بأنها "إعلان صريح" عن نية الاحتلال مواصلة سياسة الاستيلاء على أراضي الغير، في تحدٍ لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وأشار بقائي إلى أن اعتراف نتنياهو بأنه في "مهمة تاريخية وروحية" لتحقيق ما سماه بـ"الفكرة الشيطانية من النيل إلى الفرات" يعكس ذهنية توسعية فاشية تهدف إلى الهيمنة على دول المنطقة وتقويض سيادتها.
وفي سياق الهجوم الدبلوماسي، دعا بقائي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وكافة الدول إلى إدانة هذه التصريحات بشكل علني، مؤكدًا أن ما يحدث في غزة من مجازر جماعية وحصار خانق يستوجب تحركًا عربيًا وإسلاميًا عاجلًا لدعم المقاومة الفلسطينية ووقف ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية".
خطاب موازٍ من وزارة الخارجية الإيرانية:
وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، دخل على خط الجدل عبر منصة "إكس"، موجهًا نقدًا ساخرًا للغرب بقوله: "هل إذا اعترف نتنياهو بنفسه، سيكون ذلك أيضًا معاداة للسامية؟"، في إشارة إلى ازدواجية المعايير التي تتجاهل التصريحات التوسعية الإسرائيلية بينما تتهم أي منتقد لها بمعاداة السامية.
أبعاد المشروع الإسرائيلي
بحسب ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن رؤية "إسرائيل الكبرى" التي يتحدث عنها نتنياهو تشمل أراضي فلسطينية محتلة وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا ومصر. هذه الفكرة ليست جديدة، إذ برزت بعد حرب يونيو 1967 عندما توسعت إسرائيل واحتلت الضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان، وجرى توظيف المصطلح لتبرير استمرار السيطرة على هذه المناطق.
توقيت هذه التصريحات ليس معزولًا عن المشهد الإقليمي الراهن. فالحرب في غزة، وتنامي الحديث عن ممرات إقليمية ومشاريع تطبيع اقتصادي، كلها عوامل تخلق بيئة خصبة لإعادة طرح أفكار توسعية قديمة في قالب جديد. إيران ترى أن هذا جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط، بما قد يؤدي إلى تصعيد جبهات المقاومة وتحالفات مضادة من قوى عربية وإسلامية.
في نظر طهران، ما قاله نتنياهو ليس زلة لسان سياسية، بل إعلان نوايا طويل المدى يستدعي مواجهة دبلوماسية وإعلامية، وربما أمنية، لحماية السيادة الوطنية لدول المنطقة. وبينما تلتزم بعض العواصم العربية الصمت أو الردود الحذرة، تواصل إيران الدفع باتجاه تعبئة إقليمية لوقف ما تصفه بـ"المخطط الصهيوني" قبل أن يتحول إلى واقع مفروض على الأرض.