جددت سويسرا موقفها الرافض لاستعادة مواطنيها المحتجزين في مخيمات شمال شرقي سوريا، ممن يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مؤكدة التزامها بالقرار الحكومي الصادر في آذار 2019 بهذا الشأن.
وزارة الخارجية السويسرية أوضحت أن السياسة المعتمدة تنص على عدم اتخاذ أي مبادرة لإعادة المواطنين البالغين المرتبطين بالتنظيم، وعدم إصدار جوازات سفر لهم، والاكتفاء بتقديم الخدمات القنصلية في حدود الممكن، وذلك فقط عند وجود تهديد مباشر على حياتهم أو سلامتهم الجسدية.
وبحسب البيانات الرسمية، يبلغ عدد المواطنين السويسريين المحتجزين في تلك المخيمات ثلاثة رجال وامرأة ترافقها طفلتها البالغة من العمر ثماني سنوات. وأشارت الوزارة إلى أنها أجرت اتصالات مع جميع المحتجزين ومع المسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، كما قامت بزيارة قنصلية إلى مخيم "روج" حيث تقيم المرأة وطفلتها، إلا أن الأم رفضت عرضًا يقضي بإعادة الطفلة وحدها إلى سويسرا.
القضية تثير جدلًا داخليًا في سويسرا بين تيارين متباينين: الأول يرفض إعادة هؤلاء المحتجزين بدعوى الحفاظ على الأمن الوطني، والثاني يدعو إلى استردادهم التزامًا بالمسؤوليات القانونية والإنسانية للدولة تجاه مواطنيها. وفي هذا السياق، تطالب منظمات حقوقية سويسرية ودولية بإعادة الأطفال مع أمهاتهم، وإخضاع البالغين لمحاكمات عادلة داخل البلاد بدل تركهم في بيئة غير آمنة.
تأتي هذه المواقف في ظل واقع معقد يحيط بمخيمات شمال شرقي سوريا. فبحسب بيانات الأمم المتحدة، هناك نحو تسعة آلاف شخص يُشتبه بارتباطهم بتنظيم "داعش" ما زالوا قيد الاحتجاز في السجون دون محاكمة، بينهم 5,400 سوري و1,600 عراقي و1,500 من أكثر من 50 دولة أخرى. كما يقيم حوالي 42,500 شخص في مخيمي "الهول" و"روج"، معظمهم من النساء والأطفال، حيث يشكل الأطفال نحو 60% من القاطنين، بينما تمثل النساء غالبية النسبة المتبقية.
وعلى الصعيد الإقليمي، تواصل الحكومة العراقية، بدعم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إعادة رعاياها من هذه المخيمات، فيما أخرجت الحكومة السورية عددًا من مواطنيها. كما اتخذت عدة دول أوروبية وبالكانية، مثل البوسنة وكوسوفو ومقدونيا الشمالية والنرويج والسويد والدنمارك، خطوات لإعادة مواطنيها المقاتلين السابقين في التنظيم ومحاكمتهم محليًا.
الأمم المتحدة كانت قد دعت مرارًا جميع الدول إلى استعادة رعاياها من سوريا، إما لتأهيلهم أو لمحاكمتهم، محذّرة من أن التخلي عنهم أو سحب جنسياتهم بشكل تعسفي قد يفاقم المخاطر الأمنية ويزيد من معاناة المحتجزين، خاصة الأطفال.
وبينما تستمر دول عديدة في الاستجابة لهذه الدعوات، يبدو أن سويسرا ما زالت متمسكة بخيار الإبقاء على مواطنيها في المخيمات، في قرار يعكس توازنًا دقيقًا بين اعتبارات الأمن القومي والضغوط الإنسانية المتزايدة.