كارثة درنة.. عام على الفقد والجراح

ليبيا _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.14 - 12:31
Facebook Share
طباعة

قبل أيام من حلول الذكرى الثانية لكارثة فيضانات درنة، أعلنت هيئة البحث والتعرف على المفقودين في ليبيا، يوم الأربعاء، عن حصيلة جديدة لضحايا الكارثة التي هزت البلاد في سبتمبر 2023م.
قال رئيس الهيئة، كمال السيوي، إن إجمالي الجثامين التي تم انتشالها حتى الآن بلغ 3801 جثة، مشيرًا إلى أن العمل لا يزال مستمرًا لتحديد هوية المفقودين عبر مطابقة البيانات الوراثية.

وأوضح السيوي أنه سيتم الإعلان رسميًا، الخميس، عن هوية 11 ضحية جديدة بعد اكتمال إجراءات المطابقة، مشيرًا إلى أن الهيئة تمكنت من جمع نحو 3300 ملف لمفقودي المدينة، بالإضافة إلى أكثر من 3000 عينة دم وراثية من أسر الضحايا.
هذه العينات أُدخلت في قاعدة البيانات الوطنية لتتم مطابقتها مع النتائج الميدانية بشكل يومي، في مسعى لتسريع عملية التعرف على الضحايا.

الهيئة أكدت أن فرقها الميدانية والمختبرية واجهت تحديات كبيرة، أبرزها الدفن العشوائي الذي جرى في الأيام الأولى عقب الكارثة، ما استلزم إعادة انتشال العديد من الجثامين وإعادة دفنها وفق الإجراءات والمعايير القانونية. كما أشارت إلى صعوبات لوجستية، أبرزها نقص مشغلات تحليل الحمض النووي (DNA)، وهو ما أعاق أحيانًا وتيرة العمل، لكنها شددت على استمرارها في عمليات التعرف على الضحايا وإعلان النتائج تباعًا عبر منصاتها الرسمية.

كارثة فيضانات درنة وقعت فجر 11 سبتمبر 2023، حين اجتاحت العاصفة المتوسطية "دانيال" شرق ليبيا، متسببة في أمطار غزيرة غير مسبوقة أدت إلى انهيار سدي وادي درنة ووادي أبو منصور. خلال دقائق، تدفقت سيول هائلة جرفت أحياء بأكملها إلى البحر، مدمرة البنية التحتية والجسور والمنازل، تاركة خلفها دمارًا واسعًا وأعدادًا ضخمة من القتلى والمفقودين.

الأيام الأولى بعد الكارثة شهدت فوضى كبيرة في عمليات الإنقاذ والبحث، حيث دفن كثير من الضحايا بشكل عاجل وعشوائي، ما صعّب لاحقًا عمليات التوثيق والتعرف على الجثامين. وقدّرت السلطات والمنظمات الدولية أن عدد القتلى تجاوز عدة آلاف، بينما بقيت أعداد كبيرة من المفقودين مجهولة المصير، الأمر الذي دفع إلى إعلان المدينة منطقة منكوبة وفتح تحقيقات لمعرفة أسباب انهيار السدين والإهمال في صيانتهما.

المجتمع الدولي تفاعل سريعًا مع حجم الكارثة، حيث شاركت فرق إنقاذ من عدة دول في عمليات البحث، لكن الظروف الميدانية كانت معقدة بفعل تراكم الجثث، وتلوث المياه، وغياب البنية التحتية اللازمة. ومع مرور الوقت، تركزت الجهود على الجانب الإنساني، خاصة عبر الهيئة الليبية للبحث عن المفقودين، التي تتولى جمع البيانات الوراثية وتوثيق ملفات المفقودين وإبلاغ ذويهم بالنتائج.

رغم التقدم الذي أُحرز، لا تزال مأساة درنة حاضرة في الذاكرة الجماعية لليبيين، حيث تعكس صور الدمار والفقدان حجم الفاجعة التي لحقت بالمدينة وسكانها. وبالنسبة للأسر التي تنتظر أخبار أحبائها المفقودين، يشكل كل إعلان عن التعرف على ضحية خطوة نحو إغلاق ملف مؤلم طال انتظاره.

الهيئة شددت على أن هدفها لا يقتصر على تحديد هوية الضحايا، بل يمتد إلى ضمان حفظ حقوقهم وكرامتهم، وتوثيق ما جرى لتفادي تكرار مثل هذه الكوارث. كما أكدت أنها ستواصل العمل حتى استكمال كافة الملفات، رغم ما تواجهه من صعوبات.

مع اقتراب الذكرى الثانية للكارثة، يتجدد النقاش في ليبيا حول مسؤولية الإهمال في صيانة البنية التحتية، وضرورة وضع خطط وطنية لإدارة المخاطر ومواجهة التغيرات المناخية التي تزيد من احتمالية وقوع كوارث مشابهة. وبينما تستمر عمليات البحث والتعرف على الضحايا، تبقى درنة شاهدًا حيًا على واحدة من أسوأ المآسي الطبيعية في تاريخ البلاد الحديث. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 3