تواجه فرنسا أزمة صحية متنامية بعد وفاة شخصين وإصابة 21 آخرين بداء "الليستريات"، وهو مرض بكتيري ينتقل غالباً عبر الأغذية، وفق بيان وزارة الزراعة الفرنسية.
وأشارت السلطات إلى أن الإصابات قد تكون مرتبطة باستهلاك جبن طري من إنتاج مصنع محلي في مقاطعة كروز، حيث تم سحب ما يقارب 40 صنفًا من السوق على وجه السرعة.
الوزارة وجهت تحذيرًا خاصًا للفئات الأكثر عرضة للخطر، بما في ذلك النساء الحوامل وكبار السن والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، محذرة من أعراض المرض التي تشمل الحمى، الصداع، وآلام العضلات. وأوضحت أن فترة حضانة البكتيريا قد تصل إلى ثمانية أسابيع، مما يجعل التعرف على مصدر العدوى تحديًا كبيرًا.
داء "الليستريات" تسببه بكتيريا الليستيريا، التي توجد عادة في البيئة الطبيعية. لدى الأشخاص الأصحاء، غالبًا ما تكون الأعراض خفيفة، تشبه الإنفلونزا أو تتضمن قيء وإسهال، وقد تمر دون ملاحظة. لكن في الفئات الضعيفة، يمكن للعدوى أن تتحول إلى حالة خطيرة تهدد الحياة، خاصة إذا لم يتم التعامل معها بسرعة.
وبحسب إذاعة "فرانس أنفو"، فقد أغلِق خط الإنتاج الملوث بالمصنع، وزادت الفحوصات على خطوط الإنتاج الجديدة بمعدل 100 ضعف، لضمان عدم استمرار انتشار البكتيريا. ووفق التحقيقات الأولية، يرجح أن يكون مصدر التلوث هو الحليب المبستر المستخدم في صناعة الجبن، حيث أشار برونو ميغاربان، رئيس وحدة العناية المركزة في مستشفى لاريبوازيير بباريس، إلى أن البكتيريا قد تنمو رغم البسترة وسلسلة التبريد، سواء بسبب تلوث مباشر للمواد الخام أو خط الإنتاج نفسه.
جمعية حماية المستهلك الفرنسية حذرت من أن الأزمة الحالية كان يمكن تجنبها لو توفرت رقابة صارمة وشفافية أكبر من المصنعين، مع تطبيق عقوبات رادعة على المخالفين المتكررين. كاميل دوريوز، مديرة الحملات في "فود ووتش فرنسا"، أكدت أن غياب الرقابة الفعالة ساهم في تفاقم ما وصفته بـ"الفضيحة الصحية".
داء "الليستريات" يحتل المرتبة الثانية بين أسباب الوفيات المرتبطة بالتسمم الغذائي في فرنسا بعد السالمونيلا، ما يجعل هذه الأزمة مثار قلق كبير لدى السلطات والمواطنين على حد سواء. ويؤكد الخبراء أن أي استهلاك لمنتجات الجبن الملوثة قد يعرض الأفراد لمخاطر صحية كبيرة، مما يزيد من أهمية الإجراءات السريعة لسحب المنتجات المشتبه بها وتعزيز الوعي العام.
السلطات الفرنسية أكدت أنها ستواصل التحقيق لتحديد أسباب التلوث بدقة، مع تعزيز عمليات الرقابة والفحص على جميع منتجات الألبان المحلية، لضمان منع تكرار مثل هذه الحوادث. كما دعت المواطنين لمراجعة منتجات الجبن التي تم شراؤها مؤخرًا وعدم استهلاك أي منتج مشكوك في سلامته، حتى تتضح نتائج الفحوصات.
تُظهر هذه الأزمة حجم التحديات المستمرة في مراقبة الأغذية وتأمين سلامتها، وتسليط الضوء على ضرورة تعزيز أنظمة الرقابة الغذائية، والالتزام الصارم بمعايير السلامة، خصوصًا مع تزايد حالات الأمراض المعدية المرتبطة بالغذاء في الأسواق الأوروبية. كما تشير إلى أهمية الشفافية والمحاسبة في الصناعات الغذائية لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث الصحية.