في ظل الثورة الرقمية المتسارعة، أصبح الذكاء الاصطناعي أداة مزدوجة الوجه؛ فهو يتيح فرصاً كبيرة لتطوير العمل الدعوي والإفتائي، لكنه في الوقت ذاته صار وسيلة جديدة للتنظيمات الإرهابية لنشر الدعاية والتحريض على العنف.
ورغم التقدم التكنولوجي، يواجه المجتمع الدولي والعالم الإسلامي تحدياً غير مسبوق في ضبط هذا الاستخدام، ومنع استغلاله لإشاعة التطرف.
تأتي ورشة العمل التي نظمها "المؤشر العالمي للفتوى" بالتعاون مع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لتسلط الضوء على أبعاد هذا الخطر، وتبحث في أطر أخلاقية تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، يحمي القيم الإنسانية ويمنع استغلال التكنولوجيا في إنتاج محتوى تحريضي يهدد أمن المجتمعات.
شارك مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في ورشة عمل بعنوان "تطوير أطر أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في دعم العمل الإفتائي"، والتي جمعت نخبة من الخبراء والإعلاميين وعلماء الدين والمتخصصين في الذكاء الاصطناعي لمناقشة تحديات العصر الرقمي.
خلال مداخلته، حذر الدكتور حمادة شعبان، مشرف وحدة رصد اللغة التركية بالمرصد، من التطور غير المتوقع في استخدام التنظيمات المتطرفة للتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك ظهور روبوتات تعمل كمذيعين للتحريض على العمليات الإرهابية.
وأكد الدكتور شعبان أن التنظيمات الإرهابية أنتجت أكثر من 5000 مادة دعائية باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي، تتراوح بين الصور والرسوم والأناشيد، وكلها تهدف إلى التحريض على العنف وتقويض قيم الحوار والمواطنة والانتماء والأخوة الوطنية والإنسانية.
وأشار الدكتور شعبان بشكل خاص إلى أن تنظيم "ولاية خراسان"، وهو أحد أذرع تنظيم داعش الإرهابي، شن حملة تضليل إعلامي واسعة عبر تقنية التزييف العميق (Deep Fake).
كما أوضح أن داعش قام بنشر العديد من الأناشيد التي أنتجت باستخدام الذكاء الاصطناعي بهدف تجنيد عناصر جديدة وضمها لصفوفه.
في الورشة ذاتها، أكد الدكتور حسني متولي، عضو وحدة الرصد باللغة الفارسية، على الأهمية القصوى لوجود أطر أخلاقية وقيمية تحكم استخدام برامج الذكاء الاصطناعي. كما تطرق إلى المشكلات الكبرى التي يواجهها علماء الدين والمفتون في العصر الحالي بسبب السيولة والإفراط في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مشددًا على ضرورة توخي الحذر الشديد من الإفراط في استخدام هذه المواقع.
جدير بالذكر أن مؤتمر "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي" يأتي احتفاءً بمرور عشر سنوات على تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وتجديدًا لرؤية صناعة الفتوى في ضوء الواقع الرقمي الجديد، مع التركيز على حماية المجتمعات من استغلال التكنولوجيا لأغراض التطرف والتحريض.