أصدرت محكمة الاستئناف الاتحادية، اليوم الأربعاء، قراراً قضائياً ألغت فيه أمراً سابقاً كان يلزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمواصلة تقديم المساعدات الخارجية، وفق وكالة «رويترز». القرار جاء بأغلبية صوتين مقابل صوت واحد، حيث اعتبرت هيئة من ثلاثة قضاة في دائرة مقاطعة كولومبيا أن المحكمة الأدنى أخطأت في إلزام الإدارة بإعادة تقديم مساعدات سبق أن وافق عليها الكونغرس.
ويعكس هذا الحكم تعقيدات الصلاحيات التنفيذية للرئيس الأميركي وصراعها المستمر مع السلطات القضائية، خاصة في القضايا التي تمس التمويلات الخارجية والالتزامات الإنسانية للولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن ترمب كان قد فرض تعليقًا لمدة 90 يومًا على جميع المساعدات الخارجية بدءًا من 20 يناير، وهو اليوم الذي بدأ فيه ولايته الثانية في البيت الأبيض.
وشملت هذه الإجراءات سلسلة خطوات لتقليص دور الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تُعد الجهة الرئيسية لتقديم المساعدات، بما في ذلك منح إجازات طويلة للموظفين ودراسة دمج الوكالة، التي كانت مستقلة سابقًا، ضمن وزارة الخارجية. وقد أثار ذلك جدلًا واسعًا حول قانونية القرار وتأثيره على الشركاء الدوليين في المجال الإنساني.
وكانت منظمتان غير ربحيتين، تتلقيان تمويلاً اتحاديًا، وهما ائتلاف مناصرة لقاح الإيدز وشبكة تطوير الصحافة، قد رفعتا دعوى قضائية ضد إدارة ترمب، مدعين أن تجميد التمويل غير قانوني ويضر بالشركاء والمستفيدين من المساعدات الإنسانية حول العالم. وفي المحكمة الجزئية الأميركية، أصدر القاضي أمير علي، المعين من الرئيس السابق جو بايدن، أمرًا يلزم الإدارة بدفع ما يقرب من ملياري دولار من المساعدات المستحقة.
لكن محكمة الاستئناف، من خلال الأغلبية المؤلفة من القاضية كارين هندرسون، المعينة في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان، والقاضي جريجوري كاتساس، المعين من ترمب، ألغت هذا الحكم، معتبرة أن المنظمتين لم تقدما سببًا قانونيًا كافيًا لإجبار الإدارة على دفع التمويلات. وأكدت القاضية هندرسون أن الدعوى لا تستوفي شروط إصدار أمر قضائي ملزم، ما يعكس كيف يمكن للتعيينات القضائية أن تؤثر بشكل مباشر على القرارات التنفيذية، خاصة في القضايا التي تمزج بين السياسة والقانون.
هذا القرار يسلط الضوء على صراع أوسع بين السلطة التنفيذية والهيئات القضائية في الولايات المتحدة، ويفتح نقاشاً حول حدود صلاحيات الرئيس في التحكم ببرامج التمويل التي يوافق عليها الكونغرس، خاصة حين تتعلق بالمساعدات الإنسانية الدولية.
كما يعكس التوتر بين المؤسسات غير الربحية والبيت الأبيض حول التزامات الولايات المتحدة تجاه الشركاء الدوليين في المجال الإنساني، ومدى قدرة القانون على حماية هذه الالتزامات.
من الجانب السياسي، يعكس القرار قوة الرئيس في إدارة الموارد المالية الخارجية رغم المعارضة القضائية، ويعيد التأكيد على أهمية التعيينات القضائية وتأثيرها طويل الأمد على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. كما يثير تساؤلات حول كيفية الموازنة بين الصلاحيات التنفيذية والالتزامات الدولية، وهو ما قد يكون له انعكاسات على استقرار برامج المساعدات الإنسانية العالمية، وعلى قدرة المنظمات غير الربحية على التخطيط وتنفيذ مشاريعها دون تعرضها لتعليق مفاجئ للتمويل.
في النهاية، يبرز القرار القضائي الأخير كجزء من سلسلة صراعات قانونية وسياسية مستمرة حول حقوق الرئيس الأميركي وصلاحياته مقابل دور القضاء والكونغرس، مما يجعل متابعة هذا الملف ضروريًا لفهم ديناميكيات التمويل الدولي، والالتزامات الإنسانية للولايات المتحدة، والتوازن بين القانون والسياسة في إدارة الملفات الحرجة عالميًا.