تظاهرات كبيرة في اليونان ضد السياح الإسرائيليين

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.13 - 07:52
Facebook Share
طباعة

عمت في اليونان اليوم الأربعاء موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة ضد وصول سفينة سياحية إسرائيلية، تُعرف باسم "كراون إيريس"، كانت تقل سياحاً إسرائيليين إلى موانئ بحر إيجة. وركزت التظاهرات في مدينة فولوس الساحلية، حيث تجمع المئات من المحتجين أمام الميناء، رافعين شعارات مناهضة للسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. هذا المشهد يمثل امتداداً لتوتر متزايد في اليونان بين قطاع من المجتمع المدني والممارسات السياحية المرتبطة بإسرائيل، ويكشف عن انعكاسات النزاعات الدولية على الحياة اليومية في الدول الأوروبية.

تشير المعلومات الواردة من منظمات مؤيدة للقضية الفلسطينية إلى أن هذه الاحتجاجات لم تقتصر على فولوس فقط، بل شملت نحو ثلاثين موقعاً مختلفاً في الجزر اليونانية والسواحل المطلة على بحر إيجة، مثل سيروس ورودس وكريت، حيث سعى المحتجون إلى منع نزول السياح الإسرائيليين أو تعطيل جولاتهم السياحية. وحسب القائمين على التنظيم، فقد أُطلق على هذه التحركات اسم "يوم غضب"، في إشارة إلى التضامن العلني مع الفلسطينيين واستنكار العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

تأتي هذه الاحتجاجات في سياق تصاعد مشاعر الغضب في أوروبا ضد السياسة الإسرائيلية، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في غزة وسلسلة العمليات العسكرية التي أدت إلى سقوط ضحايا بين المدنيين. وفي اليونان، تجسد هذه التحركات نوعاً من التعبير الشعبي عن التضامن مع الفلسطينيين، حيث تركز الجمعيات والمجموعات الشبابية على استخدام الميناء والمواقع السياحية كمساحات رمزية للضغط السياسي والدبلوماسي، وذلك بالاستعانة بالوعي الجماهيري وبالأدوات الإعلامية الحديثة لنقل الرسائل الدولية محلياً.

ورغم طابع هذه المظاهرات السلمي في معظمها، شهدت بعض المواقع تصعيداً أدى إلى تدخل السلطات اليونانية واعتقال عدد من المحتجين بموجب قانون مكافحة العنصرية، ما أضاف أبعاداً جديدة للتوتر بين السلطات والمحتجين، وأثار نقاشاً داخلياً حول حدود حرية التعبير والاحتجاج. كما أدت الأحداث إلى توتر العلاقات بين اليونان وإسرائيل، حيث أصدرت تل أبيب تحذيرات رسمية للسياح الإسرائيليين من زيارة اليونان في الفترة الحالية، خشية تعرضهم لمواقف مشابهة أو لإضرار محتملة بممتلكاتهم الشخصية.

التحليل السياسي يشير إلى أن هذه التحركات الشعبية تعكس أكثر من مجرد احتجاجات محلية، فهي جزء من ديناميكيات أوسع تشمل المجتمع الأوروبي الذي أصبح يربط بين السياسات الدولية وسلوك السياح القادمين من دول متورطة في النزاعات. فاليونان، باعتبارها دولة سياحية تعتمد بشكل كبير على عوائد الرحلات البحرية، تواجه اليوم معضلة مزدوجة: حماية السياحة وفرض القانون، وفي الوقت نفسه الاستجابة للضغوط الاجتماعية والمطالب الأخلاقية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.

كما يبرز الحدث تساؤلات حول فعالية المقاطعات الرمزية وتأثيرها على السياسات الدولية، ومدى قدرة الاحتجاجات المدنية على تحويل أماكن سياحية إلى فضاءات للتعبير السياسي. ويعكس تصاعد هذه الموجة أيضاً حساسيات الجاليات الفلسطينية والعربية في أوروبا، وقدرتها على توجيه الرأي العام نحو دعم حقوق الفلسطينيين، عبر التفاعل مع السياحة كأداة رمزية للضغط على الحكومات الأجنبية.

يوضح هذا اليوم أن السياحة الدولية لم تعد مجرد نشاط اقتصادي، بل أصبحت ساحة للتنافس بين الضمير والربح، بين السياسة العالمية والتأثير المحلي، وبين الحرية المدنية ومسؤوليات الدولة تجاه قضايا العدالة الإنسانية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 1