تصاعدت مؤخراً الشائعات حول إمكانية استقبال جنوب السودان لمواطنين فلسطينيين من غزة، ما أثار استغراب المتابعين وربطاً غير واقعي بين بلد صغير في شرق إفريقيا وقضية تتعلق بالشرق الأوسط.
وزارة الخارجية في جوبا سارعت لنفي هذه المزاعم بشكل قاطع عبر بيان لها اليوم الأربعاء، مؤكدة أن لا علاقة للحكومة بمفاوضات من هذا النوع، وأن الأخبار المنتشرة لا أساس لها من الصحة.
يتجاوز هذا النفي مجرد تصحيح خطأ إعلامي، فهو يسلط الضوء على آلية انتشار المعلومات غير الدقيقة ومدى تأثيرها على صورة الدول الضعيفة نسبياً على الساحة الدولية.
جنوب السودان، الذي ما زال يعاني من آثار النزاعات الداخلية والهشاشة الاقتصادية، لا يمتلك القدرة الفعلية على تنفيذ أي سياسات إعادة توطين جماعية، ما يجعل أي ربط بالقضية الفلسطينية مضللاً ويثير تساؤلات حول دوافع نشر هذه الروايات.
تؤكد بعض التحليلات أن ربط أسماء دول بعيدة بالقضية الفلسطينية أصبح أداة إعلامية لجذب الانتباه أو خلق ضغط سياسي، وهو ما يظهر جلياً في هذا المثال.
الشركات الاستشارية الدولية أحياناً تصوغ سيناريوهات افتراضية قابلة للنشر، ما يعزز انتشار الأخبار المضللة على نطاق واسع، خصوصاً في ظل ضعف التحقق الصحفي أو الاعتماد على مصادر غير رسمية.
من منظور أوسع، يطرح هذا الحادث تساؤلات حول دور الإعلام في نقل القضايا الدولية الحساسة، ومدى قدرة الصحافة على التمييز بين الشائعات والحقائق.
فعندما تُسند أخبار لمواقف لم تحدث أصلاً، فإنها تشوه صورة الدول الصغيرة وتغطي على القضايا الحقيقية التي تواجهها، مثل النزاعات المحلية والأزمات الإنسانية.
وفي الوقت نفسه، يُظهر نفي جنوب السودان الرسمي أهمية الاعتماد على القنوات الرسمية للتأكد من المعلومات قبل تداولها، خاصة في مناطق يشهد فيها الإعلام هشاشة أو تأثيراً قوياً للضغط السياسي الخارجي. وربط قضية فلسطين ببلدان بعيدة، رغم بساطة الواقعية، يعكس ميل بعض وسائل الإعلام لاستخدام الموضوع كأداة رمزية للفت الانتباه أو خلق جدل سياسي، بعيداً عن الحقيقة على الأرض.
يبرز بيان وزارة الخارجية جنوب السودان ضرورة الفصل بين السياسة الواقعية والدعاية الإعلامية، والحذر من الانجراف وراء أخبار لا تمت للواقع بصلة.