وصل وفد سوري رفيع المستوى، يضم وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، ووزير الدفاع، اللواء مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات، حسين سلامة، إلى العاصمة التركية أنقرة، صباح الأربعاء، في زيارة رسمية تهدف إلى إجراء مباحثات مع الجانب التركي بشأن قضايا ثنائية وإقليمية مهمة.
تأتي هذه الزيارة بعد أن أعلنت وزارة الخارجية التركية مسبقًا عن لقاء مرتقب للشيباني في 13 آب 2025، دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية، ما أثار اهتمام المتابعين بشأن الملفات التي ستناقش خلال المباحثات بين الجانبين.
وكان من المقرر أن يتوجه وزير الخارجية السوري إلى العاصمة الفرنسية باريس في اليوم ذاته للقاء مسؤولين إسرائيليين بحضور المبعوث الأميركي توم باراك، إلا أن الاجتماع تم تأجيله، وفق ما ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي، ما عزز أهمية زيارة أنقرة باعتبارها خطوة حيوية في المسار الدبلوماسي السوري الإقليمي.
وتأتي هذه الزيارة في أعقاب زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى دمشق الأسبوع الماضي، حيث التقى الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في ثالث زيارة رسمية منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع. وخلال الزيارة، أكد فيدان أن المباحثات تناولت القضايا الأمنية ومواجهة التهديدات الداخلية والخارجية التي تستهدف سيادة سوريا ووحدتها، مشددًا على استمرار دعم أنقرة لجهود دمشق في محاربة التنظيمات الإرهابية.
كما ناقشت المحادثات استعداد تركيا لتقديم المساعدة للحكومة السورية في إدارة وتأمين المخيمات الواقعة في شمال شرقي البلاد، بهدف تعزيز الاستقرار في تلك المناطق، فضلاً عن مناقشة الأنشطة الإسرائيلية في سوريا، حيث أشار فيدان إلى أن تل أبيب تتبع سياسات تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة، مؤكدًا أن التصدي لهذه السياسات مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي.
وتعتبر زيارة الشيباني إلى أنقرة مؤشرًا على تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، بما في ذلك الأمن، والإدارة المحلية، والسياسة الإقليمية، في ظل الظروف المتقلبة التي يشهدها الشرق الأوسط. كما تأتي هذه الخطوة بعد إعلان الحكومة السورية الانسحاب من المفاوضات المقررة مع "قوات سوريا الديمقراطية – قسد" في باريس، بسبب تنظيم الأخيرة مؤتمرًا سياسيًا في الحسكة جمع المعارضين للحكومة لتعزيز فكرة اللامركزية، ما جعل أنقرة نقطة محورية في الحوار السوري الإقليمي.
ويرى محللون أن الزيارة تهدف إلى إعادة ترتيب الأولويات الدبلوماسية لسوريا في مواجهة الضغوط الخارجية، وتعزيز التنسيق الأمني والعسكري مع تركيا، خصوصًا في المناطق الحدودية وشمال شرق البلاد، إلى جانب فتح قنوات تواصل سياسية جديدة تساعد دمشق على حماية سيادتها ومصالحها الإقليمية.
وفي ظل هذه التحركات، يترقب المراقبون نتائج مباحثات أنقرة وتأثيرها على العلاقات السورية التركية، وكيفية التعامل مع القضايا الأمنية والسياسية الحساسة، بما يضمن التوازن بين مصالح الدولة السورية واستقرار المنطقة بشكل عام.