زيارة إلهام أحمد إلى دمشق… تهدئة أم مناورة؟

سامر الخطيب

2025.08.13 - 10:06
Facebook Share
طباعة

 في خضم أجواء سياسية وأمنية متوترة بين الحكومة السورية و"الإدارة الذاتية"، برزت زيارة إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلى دمشق كخطوة مثيرة للانتباه. توقيت الزيارة جاء بعد أيام من تصاعد الاشتباكات في ريف حلب وإلغاء اجتماعات كانت مقررة في باريس، وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين بشأن عدم الالتزام باتفاق 10 آذار/مارس، ما جعل المراقبين يتساءلون عن الهدف الحقيقي لهذه الخطوة: هل هي محاولة لاحتواء التوتر، أم مناورة سياسية في ظل تغيّر موازين القوى؟


المشهد الميداني في مناطق ريف حلب يشهد منذ أسابيع جولات من التصعيد العسكري، خاصة في محيط تل ماعز، حيث تتكرر الاشتباكات بوتيرة شبه أسبوعية. هذه التطورات تعكس – وفق عدد من المراقبين – غياب مركزية القرار لدى "قسد" و"الإدارة الذاتية"، إذ يعمل كل منهما ضمن أجندة مستقلة، رغم انتمائهما إلى محور واحد، ما جعل تنفيذ اتفاق 10 آذار يراوح مكانه، مع بقاء بنود أساسية منه دون تنفيذ.


الزيارة جاءت بعد مؤتمر الحسكة "وحدة الموقف"، الذي اعتبرته دمشق خروجاً عن الاتفاق، خاصة مادته السادسة التي تنص على دعم جهود الدولة السورية في محاربة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى كامل الأراضي السورية. البيان الختامي للمؤتمر حمل بنوداً أثارت حفيظة الحكومة، من بينها رفض سلطة الدولة، الدعوة إلى حكم لا مركزي، ورفض تسليم السلاح، إلى جانب المطالبة بدمج "قسد" في الجيش السوري ككتلة واحدة، وهو ما اعتُبر بمثابة إنشاء "كيان داخل الدولة".


على الجانب الآخر، تتمسك "قسد" بمكاسبها التي حققتها خلال السنوات الماضية، وتبرر عدم التزامها بالاتفاق بغياب ضمانات كافية، في حين يرى خصومها أن هذه الذريعة ليست سوى وسيلة لكسب الوقت، بانتظار تحولات إقليمية ودولية، خاصة في الموقف الأميركي. كما يثار جدل حول قدرة "قسد" على ضبط العلاقة بين مقاتليها العرب، الذين يشكلون عشرات الآلاف، والمكوّن الكردي، وسط تحذيرات من انزلاق المنطقة إلى صراعات داخلية.


المستقبل القريب للعلاقة بين دمشق و"الإدارة الذاتية" يبدو مفتوحاً على سيناريوهين رئيسيين: الأول، اتفاق مرحلي يدمج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة مع منح صلاحيات أوسع للمجالس المحلية؛ والثاني، الإبقاء على الوضع الحالي ببقاء مناطق شمال وشرق البلاد خارج سلطة الحكومة، بما يحمله من احتمالات التصعيد والخروقات.


ورغم أن خيار الاندماج في الدولة السورية يُنظر إليه على أنه الأكثر استقراراً، فإن المؤشرات السياسية الحالية لا توحي بقرب تحقيقه. فـ"قسد" تبدو متمسكة بسلاحها ومؤسساتها، فيما تتهمها دمشق بأن قرارها الفعلي يُتخذ خارج الحدود السورية. وفي ظل هذا التعقيد، تبقى زيارة إلهام أحمد إلى دمشق إشارة سياسية مهمة، لكن من غير الواضح ما إذا كانت ستفتح الباب أمام تفاهمات جديدة، أم ستسجَّل كحلقة أخرى في مسلسل المناورات بين الطرفين.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 9