في خطوة تحمل رسائل سياسية مباشرة، وصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الأربعاء، إلى بيروت، مؤكدًا وقوف طهران "إلى جانب الشعب اللبناني في جميع الظروف"، وذلك بعد أيام من تكليف الحكومة اللبنانية الجيش وضع خطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام، في ظل ضغوط أمريكية وتحذيرات من عملية عسكرية إسرائيلية واسعة.
تصريحات لافتة واستقبال حزبي
لدى وصوله إلى مطار بيروت، كان في استقبال لاريجاني وفد من حزب الله وحركة أمل، فيما اصطف العشرات من أنصار الحزب على طريق المطار، مردّدين هتافات مؤيدة. وتوقف المسؤول الإيراني عن موكبه لوقت قصير لتحية الحشود، مشددًا في تصريحاته على أن "ألم الشعب اللبناني هو ألم إيران"، وأن بلاده ستعمل على "تحقيق مصالحه الوطنية".
زيارة لاريجاني تأتي وسط أزمة سياسية وأمنية متصاعدة، إذ كلفت الحكومة اللبنانية الجيش إعداد خطة لنزع سلاح حزب الله، وهي خطوة وُصفت بأنها "غير مسبوقة" في ظل نفوذ الحزب داخليًا. حزب الله رفض القرار واعتبره "كأنه غير موجود"، متهمًا الحكومة بـ"ارتكاب خطيئة كبرى".
طهران بدورها سارعت إلى إعلان معارضتها الصريحة للقرار، حيث قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، إن إيران "لن تقبل نزع سلاح حزب الله لأنها دعمت المقاومة والشعب اللبناني لعقود". هذا التصريح أثار ردًا غاضبًا من وزارة الخارجية اللبنانية، التي وصفته بأنه "تدخل سافر في الشؤون الداخلية".
من المقرر أن يلتقي لاريجاني خلال زيارته الرئيس اللبناني جوزاف عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى جانب اجتماعات في السفارة الإيرانية مع شخصيات لبنانية وفلسطينية.
قبل وصوله بيروت، كان لاريجاني في بغداد حيث وقّع مذكرة تفاهم أمنية بشأن تنسيق الحدود المشتركة، مؤكدًا في تصريحات للتلفزيون الإيراني أن "المقاومة جزء من نسيج شعوب المنطقة" وأن الجهود يجب أن تتجه إلى "الحفاظ على هذه القدرة".
إيران وحزب الله.. عقود من التحالف
تؤكد المعطيات التاريخية أن إيران لعبت دورًا أساسيًا في تأسيس حزب الله ودعمه ماليًا وعسكريًا، ليصبح أحد أعمدة "محور المقاومة" الذي تقوده طهران ويضم فصائل حليفة في العراق واليمن وسوريا. وتأتي الزيارة في وقت حساس، حيث تخشى أطراف دولية من انزلاق لبنان إلى مواجهة جديدة مع إسرائيل، خصوصًا بعد الضربات القاسية التي تلقاها الحزب في الأشهر الماضية.
رسائل متعددة الاتجاهات
تحمل زيارة لاريجاني في هذا التوقيت أبعادًا تتجاوز الدعم المعلن للبنان، فهي إشارة مباشرة من طهران إلى أن أي مساس بسلاح حزب الله سيُنظر إليه كاستهداف استراتيجي لمحور المقاومة برمته. كما تعكس الزيارة رغبة إيران في تثبيت نفوذها داخل الساحة اللبنانية، في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، ورسالة طمأنة لحزب الله بأن الدعم الإيراني سيستمر رغم الضغوط الدولية. داخليًا، تمثل التصريحات الإيرانية اختبارًا جديدًا للتوازن السياسي الهش في لبنان، بين أطراف ترى في الحزب ضمانة لمعادلة الردع، وأخرى تعتبر سلاحه تهديدًا لسيادة الدولة.