قوة التدخل السريع.. تحديات وأخطار أميركية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.12 - 09:20
Facebook Share
طباعة

تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة لإنشاء قوة تدخل سريع مؤلفة من مئات عناصر الحرس الوطني، مهمتها الانتشار السريع في المدن الأميركية التي تشهد احتجاجات أو اضطرابات، وفقاً لوثائق داخلية اطلعت عليها صحيفة "واشنطن بوست" تقضي الخطة بوضع 600 جندي في حالة تأهب دائم، موزعين على مجموعتين تقع إحداهما في ألاباما والأخرى في أريزونا، بحيث يكونوا قادرين على الانتشار خلال ساعة واحدة عند الحاجة. ويأتي هذا المقترح في ظل تصاعد موجة من الاحتجاجات والاضطرابات في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد موجة الاحتجاجات العارمة التي أعقبت مقتل جورج فلويد على يد الشرطة، ما دفع السلطات إلى إعادة النظر في آليات التعامل مع الفوضى المدنية المحتملة.

تمثل هذه الخطة توسعًا محتملاً في دور القوات المسلحة داخل البلاد، حيث يسمح القانون الأميركي للرئيس باستخدام الجيش في حالات محدودة داخل الأراضي الأميركية، لكن المقترح الجديد ينص على نقل قوات الحرس الوطني بين الولايات، مما يفتح الباب أمام تدخل عسكري أوسع وأكثر مرونة داخل الولايات المتحدة.

هذا التوسع أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط القانونية والعسكرية، خاصة أن الحرس الوطني تقليدياً يعمل تحت سلطة حكام الولايات، الذين يتحكمون في توظيفهم داخل ولاياتهم.

ويعبر خبراء قانونيون عن مخاوفهم من أن هذا المقترح قد يؤدي إلى تقليل العتبة اللازمة لنشر القوات المسلحة على الأراضي الأميركية، ما قد يشجع على استخدام القوات العسكرية لقمع الاحتجاجات المدنية السلمية، الأمر الذي يثير تساؤلات عن مدى احترام الحريات المدنية وحقوق التعبير في البلاد. كما يطرح المقترح تحديات لوجستية ومالية كبيرة، حيث تشير الوثائق إلى أن تجهيز هذه القوة وتأمين انتشارها السريع قد يكلف مئات الملايين من الدولارات، خصوصًا إذا جرى الاعتماد على الطيران العسكري والطاقم الخاص به، رغم وجود اقتراحات بالاعتماد على شركات طيران مدنية لتقليل التكلفة.

على الصعيد السياسي، تواجه الخطة انتقادات من حكام الولايات وقيادات الحرس الوطني، الذين يرون أن السيطرة على الحرس الوطني يجب أن تبقى محصورة ضمن السلطات المحلية، وأن التدخل الفيدرالي الموسع يهدد التوازن المدني-العسكري، ويقلل من قدرة الحكومات المحلية على إدارة الأزمات بما يتناسب مع ظروفها.
كما تحذر الوثائق من أن النشر المتكرر والمفاجئ للقوات قد يؤدي إلى إرهاق الأفراد والمعدات، مما يؤثر على جاهزية الحرس الوطني لمواجهة الكوارث الطبيعية أو حالات الطوارئ الأخرى.

يذكر أن هذه الخطوة تأتي في سياق متوتر، حيث لجأ الرئيس ترامب مرات عدة لاستدعاء الجيش وقوات الحرس الوطني داخل البلاد، سواء في مواجهة الاحتجاجات على السياسات المتعلقة بالهجرة أو في مناسبات أخرى، مما أثار جدلاً واسعًا بشأن مدى شرعية وديمقراطية مثل هذه الإجراءات.
كما أن الخطط تستدعي نقاشًا معمقًا حول التوازن المطلوب بين الحفاظ على الأمن والنظام، وضمان احترام الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين.

في النهاية، يُبرز هذا المقترح مدى تعقيد التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في التعامل مع اضطرابات داخلية متزايدة، وما إذا كان اللجوء إلى قوة عسكرية سريعة التدخل هو الحل الأمثل، أو أن ذلك قد يفتح
إن إنشاء قوة تدخل سريع من الحرس الوطني يمثل محاولة واضحة لتجهيز الولايات المتحدة بأداة عسكرية أكثر مرونة وسرعة في التعامل مع أي اضطرابات مدنية محتملة. ورغم أن الهدف المعلن هو حماية الممتلكات الفيدرالية وضمان الأمن، إلا أن العديد من المراقبين يرون أن هذا المقترح يحمل مخاطر كبيرة على الحريات المدنية، إذ قد يؤدي إلى زيادة استخدام القوة العسكرية ضد المواطنين في سياق الاحتجاجات السلمية، ما قد يزيد من التوترات الاجتماعية ويعمق الانقسامات في المجتمع الأميركي.

ويثير المقترح أيضًا أسئلة حول المسؤولية والرقابة، حيث ينتقل الحرس الوطني من سلطة حكومية محلية إلى سلطة فيدرالية مباشرة، مما يقلل من قدرة الحكومات المحلية على التحكم في قواتها، ويزيد من احتمالية التصعيد العسكري في الأزمات المدنية.
كما أن الجدوى المالية واللوجستية لهذا المشروع موضع نقاش، خاصة مع وجود تقديرات تكاليف مرتفعة قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وقد يؤثر ذلك على الميزانيات المخصصة لمهام أخرى للجيش والحرس الوطني.

على صعيد آخر، يشير البعض إلى أن هذا المقترح قد يأتي استجابة لمخاوف من تفاقم الاحتجاجات في السنوات القادمة، سواء بسبب قضايا العرق والعدالة الاجتماعية، أو السياسات الاقتصادية، أو التوترات السياسية الداخلية، خاصة في ظل تصاعد الاستقطاب في البلاد لذا، يسعى المسؤولون إلى تطوير أدوات عسكرية قادرة على الاستجابة بسرعة وفعالية لأي أزمة.

لكن، تحذر الأصوات المدنية والسياسية من أن تفعيل مثل هذه القوة قد يقوض الأسس الديمقراطية، ويضعف الثقة بين المواطنين والدولة، ويخلق مناخًا من الخوف والترهيب، عوضًا عن معالجة الأسباب الحقيقية للاحتجاجات والاضطرابات.
كما يُخشى أن يؤدي الاعتماد على الحلول العسكرية في القضايا المدنية إلى تآكل المؤسسات المدنية وأجهزة إنفاذ القانون التقليدية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10