في خطوة نادرة تجمعت فيها 27 دولة بينها بريطانيا وفرنسا، وجهت رسالة مشتركة إلى إسرائيل تطالب فيها بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني والطبي، ووقف استخدام "القوة الفتاكة" في مواقع توزيع هذه المساعدات.
جاء هذا البيان الدولي وسط تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة، مع تفاقم أزمة الجوع ونقص الإمدادات الطبية، وهو ما يشير إلى تصاعد الضغط العالمي على إسرائيل للحد من العنف وفتح ممرات إنسانية واسعة.
البيان الصادر عن هذه الدول يشدد على ضرورة اتخاذ خطوات فورية وملموسة لضمان وصول المساعدات عبر منظمات الأمم المتحدة وغير الحكومية، وتأمين طريق آمن وواسع لإدخالها، مما يعكس قلقًا متزايدًا من تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر، هذه الخطوة تأتي في وقت يشهد فيه المشهد الإسرائيلي انقسامات حادة بين القيادة السياسية والعسكرية بشأن الخطوات المقبلة، خاصة مع إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تنفيذ خطة احتلال شامل لغزة وتدميرها.
حسب تقارير صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن نتنياهو عرض على قادة الجيش خطة سريعة وحاسمة للسيطرة على غزة، مدفوعًا بضغط أجنحة اليمين المتشددة التي ترى في الاحتلال حلًا نهائيًا لحركة حماس. لكن كبار الضباط في هيئة الأركان اعترضوا على هذه الخطة، محذرين من خطر تحولها إلى "مستنقع عسكري وسياسي"، في إشارة إلى تجربة الاحتلال اللبناني في 1982 التي استمرت لأشهر وأسفرت عن تداعيات طويلة الأمد.
على المستوى العربي، نددت السعودية ودول الخليج ومجموعة من الدول العربية بالخطط الإسرائيلية، معبرة عن إدانة شديدة لما وصفته بـ "جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي" ضد الشعب الفلسطيني.
حيث أشاد الرئيس محمود عباس بجهود السعودية بقيادة الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، واعتبرها رافعة هامة لزيادة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.
من جانبها، أدانت الرئاسة الفلسطينية خطة الاحتلال المرتقبة، ووصفتها بأنها "تحدٍ غير مسبوق" للمجتمع الدولي، محذرة من أن استمرار هذه السياسات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية وتهويد القدس سيغلق الأبواب أمام تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
خلفية هذه التصريحات والبيانات تبرز عمق الأزمة الإنسانية والسياسية التي يعانيها قطاع غزة، الذي يعيش تحت حصار خانق أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، بينما تتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تعمق من مأساة السكان المدنيين.
التوتر بين القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية يعكس تحديات داخلية حول مستقبل الصراع وأفق الحل، ويبرز صعوبة تنفيذ خطط عسكرية واسعة دون مواجهة عواقب سياسية وعسكرية جسيمة، خصوصًا في ضوء التجارب السابقة مثل لبنان 1982 التي شكلت دروسًا مهمة في تاريخ النزاعات الإقليمية.
المجتمع الدولي، من خلال هذه التحركات والدعوات المتعددة، يوجه رسالة حازمة بأن الحلول العسكرية لا يمكن أن تكون طريقًا مستدامًا، وأن هناك حاجة ملحة لفتح ممرات إنسانية ووقف العنف لحماية المدنيين، وضمان احترام القانون الدولي الإنساني.
في ذات السياق تواجه إسرائيل ضغوطًا دولية وعربية غير مسبوقة تطالبها بتعديل سياستها تجاه غزة، وسط تحذيرات من عواقب استمرار العدوان والتصعيد، وفي الوقت الذي تستعد فيه تل أبيب لخطة احتلال شاملة، يبقى السؤال مفتوحًا حول قدرة هذه الخطط على تحقيق أهدافها دون إشعال المزيد من الصراعات والتوترات التي قد تمتد تأثيراتها إلى المنطقة بأسرها.