في تصعيد عسكري هو الأخطر من نوعه، أعلنت وزارة الدفاع السورية عن إحباط محاولة تسلل لمجموعتين تابعتين لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" نحو نقاط انتشار الجيش السوري في منطقة تل ماعز شرق حلب. العملية التي بدأت فجرًا، أسفرت عن اندلاع اشتباكات عنيفة انتهت بسقوط شهيد من صفوف الجيش، في مؤشر جديد على هشاشة التفاهمات القائمة وتجدد التوتر الميداني.
تفاصيل العملية الميدانية
وفقًا لبيان رسمي صادر عن إدارة الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع، بدأت الأحداث في تمام الساعة 02:35 فجرًا، حين حاولت قوات "قسد" التسلل نحو مواقع الجيش في المنطقة. البيان أوضح أن رد الجيش السوري كان حاسمًا وسريعًا، حيث تم التعامل مع المحاولة وفقًا لقواعد الاشتباك الصارمة. المواجهة المباشرة أجبرت القوات المهاجمة على التراجع إلى مواقعها الأصلية، بينما أكد البيان تكبيد "قسد" خسائر ميدانية لم يتم الإفصاح عن حجمها.
ويُعد استشهاد جندي من الجيش السوري في هذه الاشتباكات تصعيدًا نوعيًا يلقي بظلاله على المشهد الأمني في المنطقة، ويدحض أي محاولات للتهدئة.
تجاهل الاتفاقات وتصعيد مستمر
البيان الصادر عن وزارة الدفاع ربط هذا التصعيد بسلسلة من الانتهاكات المستمرة التي تقوم بها "قسد"، والتي تشمل استهداف مواقع الجيش السوري في منطقتي منبج ودير حافر بشكل متكرر. ولم يقتصر الأمر على الاشتباكات العسكرية، بل امتد إلى عرقلة حياة المدنيين، حيث تقوم "قسد" بإغلاق بعض الطرق الحيوية بشكل متقطع، خاصة بالقرب من دوار الليرمون في مدينة حلب، وهو ما يعيق حركة السكان ويضرب بعرض الحائط كافة التفاهمات المسبقة مع الحكومة السورية.
هذه الإجراءات المتواصلة تضع علامات استفهام كبيرة حول التزام "قسد" بالاتفاقات، وتكشف عن استراتيجية تسعى لفرض نفوذها عبر خطوات استفزازية تزيد من معاناة المدنيين وتُهدد جهود الاستقرار الهشة.
تحذير رسمي وتهديد بعواقب جديدة
في ختام بيانها، وجهت وزارة الدفاع السورية تحذيرًا شديد اللهجة لـ "قسد"، مؤكدة على ضرورة الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع الدولة السورية. وطالبت الوزارة بوقف فوري لأي عمليات تسلل أو قصف أو استفزاز يستهدف الجيش والمواطنين في حلب وريفها الشرقي.
البيان حمل في طياته تهديدًا واضحًا بأن استمرار هذه الأفعال قد "يفتح الباب أمام عواقب جديدة"، مما يشير إلى إمكانية تصعيد الرد العسكري من قبل الجيش السوري، وهو ما قد يزيد من تعقيد المشهد الأمني المتوتر بالفعل في شمال وشرق سوريا.
خلفية الأزمة ومواقف رسمية متكررة
تعد مناطق شرق حلب، وخاصة محيط منبج ودير حافر، بؤرة توتر مستمرة بين الجيش السوري و**"قسد"** منذ سنوات. وتتعدد أسباب هذا التوتر بين خلافات أمنية وسياسية، وصولًا إلى تضارب المصالح الإقليمية والدولية في المنطقة. وزارة الدفاع السورية أكدت في أكثر من مناسبة على "حتمية احترام السيادة الوطنية والاتفاقات الموقعة"، ودعت "قسد" للانسحاب والالتزام بالتهدئة.
وتظل تلك الاشتباكات المتكررة، مثل تلك التي شهدتها منطقة تل ماعز، شاهدًا على هشاشة التفاهمات السابقة وغياب الثقة المتبادلة. ويأتي هذا التطور في ظل مشهد إقليمي ودولي معقد، مما يجعل كل مواجهة عسكرية تهديدًا حقيقيًا للاستقرار، ويضع على المحك جهود التهدئة التي تُبذل بصعوبة في ظل واقع ميداني متقلب وغير مستقر.